وأخذت أغني وأنا أعمل، أغني بصوت عال جدا، كأني أحيي حفلة كبيرة مليئة بالناس، وأحرك رأسي وذراعي في الهواء، وأرقص وأهتز إلى اليمين وإلى الشمال على نغمات الأغنية المرحة الصاخبة.
وعانقت أمي وقبلتها وأنا أقول لها: «يا سلام عليكي يا ماما، الكعكة حاتطلع جنان!»
كنت أصيح من أعماق نفسي، وأحرك الجو حولي في اهتزازات عنيفة.
لكن في اللحظة التي كنت أسكت فيها قليلا لأستريح، كانت صورته تتجسم أمامي وصوته يهمس في أذني، فأسد أذني وأشيح بوجهي وأنغمس في لهوي وصخبي.
وأحسست أن البيت ضيق لا يتسع لحركاتي وانطلاقاتي، ولم أستطع الخروج وحدي.
كنت أريد أن أجمع أكبر عدد من الناس حولي لنتكلم في صوت واحد، ونضحك بفم واحد، ثم يعلو صوتي وضحكي عليهم جميعا.
وخرجت معي جماعة كبيرة من إخوتي وأصدقائي، وذهبنا إلى الهرم.
وهناك، في الفضاء الواسع، وعلى الرمال الدافئة، خلعت حذائي وطوحت به في ذلك الفضاء الهائل الذي يفصل بين الأرض والسماء، ونسيت نفسي.
أحسست أن جسمي لم يعد لحما، وإنما أصبح مادة غريبة مثل الريش وأني أستطيع أن أبقى معلقة في الهواء دون أن تمس قدمي الرمال!
وانعدمت فجأة كل الصلات التي تربطني بالبشر، ونظرت حولي، وأخذت ألف وأدور حول نفسي، وتنبهت إلى صوت يرتطم في جدار الهرم الأكبر، وتفقدته، فعرفت فيه صوتي.
Halaman tidak diketahui