Mari Bersama Saya ke Pakistan
تعال معي إلى باكستان
Genre-genre
وأما الفرق الثالث بين الطالب المصري والطالب الباكستاني فهو فرق ما بين السياسة الاجتماعية في الباكستان ومصر، فالسياسة الاجتماعية في مصر تتجه نحو الحضارة الأوروبية والتقدم الأوروبي، وأما في الباكستان فيرون أن النظم الاجتماعية والحضارة في أوروبا ذات طابع «بورجوازي»، وهم يريدون أن يكون طابع الثقافة والمجتمع في الباكستان طابعا شعبيا، وفي هذه الحدود تتجه سياسة التعليم كما علمت من وزير المعارف في ولاية الحدود، وكان من أثر هذه السياسة أن الطلبة والطالبات يلبسون هنا - في الغالبية - الملابس الشعبية أو البلدية ولا يلبسون الملابس الإفرنجية، ووزير المعارف يرى في أكثر الأحيان بالملابس الوطنية ولا يلبس الملابس الإفرنجية إلا نادرا.
وكذلك النظام في الطعام والمسكن وغير ذلك فإنه يتجه اتجاها وطنيا، وخاصة لأن البضائع الإفرنجية غالية جدا في باكستان غلاء يفوق حد التصور في بعض الأحيان. ولما كانت المرأة هي التي تشجع أكثر البضائع الإفرنجية وتعتمد عليها فإننا نجد الطالبة الباكستانية قد استغنت عن الملابس الأوروبية وأدوات الزينة الأوروبية، فهي تحتفظ بحجابها حتى في الجامعة وفي قاعة الدرس، وهي تلبس الملابس الوطنية التي تستر جميع الجسم من قمة الرأس إلى أخمص القدم وتسدل على وجهها حجابا كثيفا، وأغلب ملابسها من القطن والأقمشة الرخيصة، ولباس الطالب هو القميص الإفرنجي والسروال الطويل المصنوع من البفتة والصندل.
فحياة الطالب في الباكستان أكثر تقشفا من حياة الطالب في مصر، ومشاكله الاجتماعية أقل من مشاكل الطالب في مصر، والتدخين والسينما ينظر إليهما نظرات غير مرضية، حتى تناول الطعام بالشوكة والسكين غير مألوف في الحياة العامة.
والطالب الباكستاني في غير العلوم الاجتماعية والإنسانية أقوى من الطالب المصري وأكثر عمقا، فهو يدرس العلوم البحتة واللغات دراسة عميقة ولا يعني نفسه بمشاكل الثقافة أو السياسة أو الاجتماع التي تهدف إليها هذه العلوم وإنما هو يدرس العلوم نفسها دراسة عميقة، فهو عقل يعنى بالوسائل دون الغايات وهو يجيد الوسائل أكثر من إجادة الطالب المصري، وإن كان الطالب المصري يدرك الغايات أكثر من إدراك الطالب الباكستاني.
ومشاكل العقل الباكستاني مشاكل اقتصادية أكثر منها اجتماعية أو فنية أو سياسية، والمشكلة الأولى التي تكافحها الباكستان هي مشكلة الجوع، وقد لاحظنا أن مدير الجامعة كان يتكلم مرة عن الحرية والديمقراطية فردد عبارة
Free from Hunger
أو «التحرر من الجوع»، ولا أدري هل السبب في ذلك هو المجاعات التي تتعرض لها الهند والباكستان دائما بسبب الجفاف وقسوة العوامل الطبيعية وتغيرها أو هو النظام الاقتصادي الذي فرضه الإنجليز على الباكستان والذي جعل المشكلة الأولى في الباكستان هي مشكلة الاقتصاد ثم ربطهم فيها بالكومنولث ؟ ويكفي في هذا أن تعلم الشخص العادي في الباكستان قد لا يجد ما يكفيه من الخبز في بعض الأحيان، ولقد سمعت عن مشاكل جامعية قامت بسبب نصيب كل طالب من الدقيق، فقد أضرب الطلبة في بعض المعاهد طلبا لرفع المقررات لأن ما يأخذه الطالب لا يكفي طعاما له. وإذا كان ما يأخذه الأستاذ هو ثلاثة أمثال ما يأخذه الطالب، ويكاد يكون هو القدر المعقول الذي يكفي شخصا عاديا، فلا أدري كيف يتصرف الطلبة!
وقد ظهرت مشكلة الجوع على أشدها في عام 1953، ولكن هي مشكلة تعاود الهند والباكستان من وقت لآخر حتى علمت القوم الادخار والاحتياط، وجعلت المعايير هناك معايير اقتصادية قبل كل شيء، فالمثالية والمروءة التي نألفها في مصر والبلاد العربية لا توجد في باكستان ويوجد بدلها واقعية واحتياط شديد وإمساك، ولهذا كان هدف التعليم فيها اقتصاديا للكسب وليس هدفا مثاليا لرفع إنسانية الإنسان وعقله، ولهذا تعجب في الجامعة للأعداد الضخمة التي تقبل على دراسة الحقوق لأنها الطريق إلى وظائف الحكومة، ولقد سمعت من بعض الناس مثلا عندهم يقول
Law means money
أي دراسة القانون معناها الثروة.
Halaman tidak diketahui