قيل له: الدليل أنا وجدنا في الشاهد قادرا يتعذر منه الفعل المحكم المنسق المنتظم، وقادرا (¬2) لا يتعذر منه ذلك، فوجب أن يكون الذي لا يتعذر منه ذلك مختصا بصفة، لكونه عليها فارق من يتعذر عليه ذلك من القادرين، والعالم هو المختص بتلك الصفة، فإذا ثبت بذلك وثبت أن القديم تعالى قد صح منه الفعل المحكم المنسق المنتظم، صح اختصاصه بالصفة التي من اختص بها كان عالما، فوجب كونه تعالى عالما.
فإن قيل: ولم قلتم إن القديم تعالى قد صح منه الفعل المحكم المنسق المنتظم؟
قيل له: لما قد بيناه فيما مضى من جعله التراب نطفة، والنطفة علقة، والعلقة مضغة، والمضغة عظاما، ثم إنشاؤه إياها، يعني خلقا آخر، ولما علمنا من حسن خلقه وتركيبه للنجوم والأفلاك، وتسخيره الرياح والسحاب، وتقديره الشتاء والصيف وغير ذلك مما يتعذر عده، ولا يمكن حده.
[ الحي ]
فإن قيل: وما الدليل على أنه حي؟
قيل له: الدليل على ذلك أنا وجدنا في الشاهد موجودا، يتعذر كونه عالما قادرا، ويستحيل ذلك فيه، وموجودا لا يتعذر ذلك منه ولا يستحيل، فوجب أن يكون الموجود الذي يصح ذلك فيه ولا يستحيل، مختصا بصفة يفارق بها الموجود الذي يستحيل ذلك فيه، ولا يصح في الحي والمختص بتلك الصفة، فإذا صح ذلك ثبت ذلك، وثبت أن القديم تعالى قد صح كونه عالما قادرا، ولم يستحل ذلك فيه، صح اختصاصه بتلك الصفة، وإذا صح ذلك ثبت كونه حيا.
[ السميع البصير ]
فإن قيل: وما الدليل على أنه سميع بصير؟
قيل له: الدليل على ذلك أنا وجدنا في الشاهد من كان حيا، وارتفعت عنه الآفات، وجب كونه سميعا بصيرا مدركا للمدركات، ولم يكن الموجود لكونه كذلك أكثر من أنه حي لا آفة به، فإذا ثبت ذلك وثبت أن القديم لا آفة به، ثبت أنه سميع بصير مدرك للمدركات.
Halaman 34