باب [ العدل ]
[ الإرادة ]
اعلم أن أفعال القديم تعالى تحسن لوقوعها على وجه، لا تقع عليه (¬1) إلا إذا كان القديم تعالى مريدا، والذي يدل على ذلك، أنه تعالى قد ثبت أنه آمر ومخبر (¬2)، وقد ثبت أن الآمر لا يكون آمرا إلا بأن يكون مريدا للمأمور به، والمخبر (¬3) لا يكون مخبرا إلا إذا أراد إيقاع الحروف خبرا، فإذا ثبت ذلك ثبت أن القديم تعالى مريد.
فإن قيل: ولم قلتم إن الآمر لا يكون آمرا إلا إذا كان مريدا للمأمور به، والمخبر لا يكون مخبرا إلا إذا أراد إيقاع الحروف خبرا؟
قيل له: إنما قلنا ذلك لأن لفظ الأمر يصلح للتهدد كما يصلح للأمر (¬4)، فلا بد من وجه ما، له يكون الآمر (¬5) آمرا، وليس ذلك الوجه إلا كون الآمر مريدا للمأمور به، لأن سائر الأوصاف والمعاني لا تؤثر في ذلك، وكذلك القول في الخبر، لأن الخبر عن زيد بن عبد الله، مثل الخبر عن زيد بن خالد، بل اللفظتان واحدة، فلا بد من أمر ما، له يتعلق كل واجد من الخبرين بمخبره، وليس ذلك غير كون المخبر مريدا إيقاع الحروف خبرا، إذ سائر المعاني والأوصاف لا تؤثر فيه.
فإن قيل: فهل تقولون بأنه تعالى مريد بإرادة محدثة لنفسه (¬6)، أومريد بإرادة محدثة؟
Halaman 57