99

Tabsira

التبصرة

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
(وَأَلْبَسَهُ الشَّوْقُ ثَوْبَ السِّقَامِ ... كَأَنَّ السِّقَامَ عَلَيْهِ حَسَنْ) (وَأَنَّسَ مَدَامِعَهُ بِالدُّمُوعِ ... لَمْ يَدَعِ السِّرَّ حَتَّى عَلَنْ) (فَيَا طُولَ عِصْيَانِهِ لِلْغَرَامِ ... وَيَا حُسْنَ طَاعَتِهِ لِلْحَزَنْ) إِخْوَانِي: مَنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ عَلَيْهِ هَانَتِ الدُّنْيَا كَلُّهَا لَدَيْهِ، إِنَّ الْعُقَلاءَ نَظَرُوا إِلَى مَشَارِعِ الدُّنْيَا فَرَأَوْهَا مُتَوَشِّحَةً بِأَقْذَارِ الْفُرَّاطِ فَاقْتَنَعُوا بِثَغَبِ الْغُدْرَانِ (للَّهِ سَاعٍ بَلَّغَتْهُ قَدَمُهْ ... حَيْثُ تَعَدَّتْ عَالِيَاتٍ هِمَمُهْ) (أَوْ قَاعِدٌ مَعَ الْعَفَافِ قَانِعٌ ... بِبُلْغَةِ الزَّادِ حَشَاهُ وَفَمُهُ) (لَمْ يَنْتَقِصْ طِلاوَةً مِنْ وَجْهِهِ ... وَرِقَّةً ذلك سؤال يَصِمُهْ) (تَلَوَّنَتْ خَلائِقُ الدَّهْرِ بِهِ ... فَحَنَّكَتْهُ صُهْبُهُ وَدُهُمُهْ) (وَاخْتَبِرِ النَّاسَ فَلَوْ سَاوَمْتَهُ ... قُرْبَ أَخِيهِ عَلَّهُ يَحْتَشِمُهْ) (وَاللَّهِ مَا عِفْتُكِ يَا دُنْيَا بِلًى ... وَإِنَّ فِيكِ لَمَتَاعًا أَعْلَمُهْ) (لَكِنَّ أَبْنَاءَكِ مَنْ لا صِبْغَتِي ... صِبْغَتُهُ وَلا وَفَائِي شِيَمُهْ) (أُخْرِجُ مِنْ حِكْمَةِ الصَّدْرِ وَمَا ... فِيهِمْ بِسَحْرِي مَنْ يَصِحُّ سَقَمُهْ) (كَمْ بَاسِمٍ لِي مِنْ وراء سره ... والليث لا يغرني تبسمه) (وحاطب على اتخاذي صحبتي ... والبدر مولود بغير توأمه) سُبْحَانَ مَنْ كَشَفَ لأَحْبَابِهِ مَا غَطَّى عَنِ الْغَيْرِ، وَأَعْطَاهُمْ مِنْ جُودِهِ كُلَّ خَيْرٍ وَمَيْرٍ، فَقَطَعُوا مَفَاوِزَ الدُّنْيَا بِالصَّبْرِ وَلا ضَيْرَ، وَكَابَدُوا الْمَجَاعَةَ حَتَّى اسْتَحْيَا رَاهِبُ الدَّيْرِ، أَفِي أَحْوَالِ هذه الدنيا تمارى، أَمَا تَرَى زِيَّهَا مُسْتَرَدًّا مُسْتَعَارًا، وَسَلْبُ الْقَرِينِ يَكْفِي وَعْظًا وَاعْتِبَارًا. أَمَّا اللَّذَّاتُ فَقَدْ فَنِيَتْ وَأَبْقَتْ عَارًا، وَأَمَّا الْعُمْرُ فَمُنْتَهَبٌ جِهَارًا. إِيَّاكَ وإيا الدُّنْيَا فِرَارًا فِرَارًا، لَقَدْ قَرَّتْ عُيُونُ الزَّاهِدِينَ وَمَاتُوا أَحْرَارًا، قَتَلَتْ أَقْرَانَهُمْ فَانْتَهَضُوا يَأْخُذُونَ ثَارًا، وَبَاعُوهَا بِمَا يَبْقَى لا كَرْهًا بَلِ اخْتِيَارًا، قطعوا بِالْقِيَامِ لَيْلا وَبِالصِّيَامِ نَهَارًا، وَاتَّخَذُوا الْجِدَّ لِحَافًا وَالصَّبْرَ شِعَارًا، وَرَكِبُوا مِنَ الْعَزْمِ أَمْضَى مِنَ الْعُرْبَانِ الْمَهَارَى، وَاهْتَدَوْا إِلَى نَجَاتِهِمْ وَالنَّاسُ فِي الجهل حيارى.

1 / 119