267

Tabsira

التبصرة

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
يا ابن آدَمَ: فَرَحُ الْخَطِيئَةِ الْيَوْمَ قَلِيلٌ وَحُزْنُهَا فِي غَدٍ طَوِيلٌ، مَا دَامَ الْمُؤْمِنُ فِي نُورِ التَّقْوَى فَهُوَ يُبْصِرُ طَرِيقَ الْهُدَى، فَإِذَا طَبَقَ ظَلامُ الْهَوَى عُدِمَ النُّورُ.
كَانَ دَاوُدُ يَسْجُدُ وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: خَلَّيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَدُوِّي [إِبْلِيسَ] فَلَمْ أَقُمْ لِفِتْنَتِهِ إِذْ نَزَلَتْ بِي، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي:
يُغْسَلُ الثَّوْبُ فَيَذْهَبُ دَرَنُهُ وَوَسَخُهُ، وَالْخَطِيئَةُ لازِمَةٌ لِي لا تَذْهَبُ عِنِّي، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: تَبْكِي الثَّكْلَى عَلَى وَلَدِهَا إِذَا فَقَدَتْهُ وَدَاوُدُ يَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِهِ! سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: الْوَيْلُ لِدَاوُدَ إِذَا كُشِفَ عَنْهُ الغطاء قيل هذا داود الخاطىء سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: بِأَيِّ عَيْنٍ أَنْظُرُ إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الظَّالِمُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: بِأَيِّ قَدَمٍ أَقُومُ بِبَابِكَ يَوْمَ تَزِلُّ أَقْدَامُ الْخَاطِئِينَ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: مِنْ أَيْنَ يَطْلُبُ الْعَبْدُ الْمَغْفِرَةَ إِلا مِنْ عِنْدِ سَيِّدِهِ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: أَنَا الَّذِي لا أُطِيقُ صَوْتَ الرَّعْدِ فَكَيْفَ أُطِيقُ صَوْتَ جَهَنَّمَ! سُبْحَانَ خالق النور! إلهي: كيف يستقر الْخَاطِئُونَ بِخَطَايَاهُمْ دُونَكَ وَأَنْتَ شَاهِدُهُمْ حَيْثُ كَانُوا، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي قَرَحَ الْجَبِينُ وَجَمَدَتِ الْعَيْنَانِ مِنْ مَخَافَةِ الْحَرِيقِ عَلَى جَسَدِي، سُبْحَانَ خالق النور! إلهي! أنت المغيث وأنا المستغيث، فمن يدعو المستغيث إلا المغيث؟ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي: فَرَرْتُ إِلَيْكَ بِذُنُوبِي فَاعْتَرَفْتُ بِخَطِيئَتِي فَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الْقَانِطِينَ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ الدِّينِ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي إِذَا ذَكَرْتُ ذُنُوبِي أَيِسْتُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَإِذَا ذَكَرْتُ رَحْمَتَكَ رَجَوْتُهَا، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ! إِلَهِي أَمْدِدْ عَيْنِي بِالدُّمُوعِ وَقَلْبِي بِالْخَشْيَةِ وَضَعْفِي بِالْقُوَّةِ حَتَّى أَبْلُغَ رِضَاكَ عَنِّي، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ!
يَا سَكْرَانَ الْهَوَى مَتَى تَصْحُو، يَا كَثِيرَ الذُّنُوبِ مَتَى تَمْحُو إِلَى كَمْ تَهْفُو وَتَغْفُو، وَتَتَكَدَّرُ وَنِعَمُنَا تَصْفُو، ابْكِ لِمَا بِكَ، وَانْدُبْ فِي شَيْبَتِكَ عَلَى شَبَابِكَ، وَتَأَهَّبْ لِسَيْفِ الْمَنُونِ فَقَدْ عَلِقَ الشَّبَا بِكَ.
انْتَبَهَ الْحَسَنُ لَيْلَةً فَبَكَى، فَضَجَّ أَهْلُ الدَّارِ بِالْبُكَاءِ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَقَالَ:

1 / 287