211

Tabsira

التبصرة

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
أَجَلَّ مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿إِنَّ الأبرار لفي نعيم﴾ .
نُعِّمُوا فِي الدُّنْيَا بِالإِخْلاصِ فِي الطَّاعَةِ، وَفَازُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالرِّبْحِ فِي الْبِضَاعَةِ، وَتَنَزَّهُوا عَنِ التَّقْصِيرِ وَالْغَفْلَةِ وَالإِضَاعَةِ، وَلَبِسُوا ثِيَابَ التُّقَى وَارْتَدَوْا بِالْقَنَاعَةِ، وَدَامُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى السَّهَرِ وَالْمَجَاعَةِ، فَيَا فَخْرَهُمْ إِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ، وَقَدْ قُرِّبَتْ إِلَيْهِمْ مَطَايَا التَّكْرِيمِ ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ .
نُعِّمُوا فِي الدُّنْيَا بِالْوَحْدَةِ وَالْخَلْوَةِ، وَاعْتَذَرُوا فِي الأَسْحَارِ مِنْ زَلَّةٍ وَهَفْوَةٍ، وَحَذِرُوا مِنْ مُوجِبَاتِ الإبعاد والجفوة، فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُخْتَارُونَ الصَّفْوَةُ، الصِّدْقُ قَرِينُهُمْ وَالصَّبْرُ نديم ﴿إن الأبرار لفي نعيم﴾ .
حَرَسَهُمْ مَوْلاهُمْ مِنْ مُوجِبَاتِ الشَّيْنِ، وَحَفِظَهُمْ مِنْ جَهْلٍ وَعَيْبٍ وَمَيْنٍ، وَأَرَاهُمْ مَحَجَّةَ الْهُدَى رَأْيَ الْعَيْنِ، وَأَزَالَ فِي وِصَالِهِمْ قَاطِعَ الْجَفَاءِ وَعَارِضَ الْبَيْنِ، وَكَمَّلَ لَهُمْ جَمِيعَ الْمَآثِرِ كَمَالَ الزَّيْنِ، وَكَشَفَ عَنْ قُلُوبِهِمْ أَغْطِيَةَ الْهَوَى وَحُجُبَ الْغَيْنِ، فقاموا بالأوامر على غاية الوفا في قضاء الدين، واعتذروا بعد الأذى وقيل الغريم ﴿إن الأبرار لفي نعيم﴾ .
طَالَ مَا تَعِبَتْ أَجْسَامُهُمْ مِنَ الْجُوعِ وَالسَّهَرِ، وَكَفَّتْ جَوَارِحُهُمْ عَنِ اللَّهْوِ وَالأَشَرِ، وَحَبَسُوا أَعْرَاضَهُمْ عَنِ الْكَلامِ وَالنَّظَرِ، وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ وَامْتَثَلُوا مَا أَمَرَ، وَتَقَبَّلُوا مَفْرُوضَاتِهِ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَتَغَنَّوْا بِكَلامِهِ وَالْقَلْبُ قَدْ حَضَرَ، وَاسْتَعَدُّوا مِنَ الزَّادِ مَا يَصْلُحُ لِلسَّفَرِ، فَالْخَوْفُ يُقْلِقُهُمْ فَيَمْنَعُهُمْ قَضَاءَ الْوَطَرِ، وَالْعِبْرَةُ تَجْرِي وَالْقَلْبُ قَدِ اعْتَبَرَ، فَيَا حُسْنَهُمْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَوَقْتِ السَّحَرِ، السِّرُّ صَافٍ وَالْحَالُ مُسْتَقِيمٌ ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ .
جَنَّ الظَّلامُ فَزُمَّتْ مَطَايَاهُمْ، وَجَاءَ السَّحَرُ فَتَوَفَّرَتْ عَطَايَاهُمْ، وَكَثُرَ الاسْتِغْفَارُ فَحُطَّتْ خَطَايَاهُمْ، وَكُلَّمَا طَلَبُوا مِنْ فَضْلِ سَيِّدِهِمْ أَعْطَاهُمْ، فَسُبْحَانَ مَنِ اخْتَارَهُمْ مِنَ الْكُلِّ وَاصْطَفَاهُمْ، وَخَلَّصَهُمْ بِالإِخْلاصِ مِنْ شَوَائِبِ الكدر

1 / 231