205

Tabsira

التبصرة

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
ألبسه من لباس الدنياا فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِي، لَيْسَ يَطْرِفُ وَلا يَنْطِقُ وَلا يَتَكَلَّمُ وَلا يَتَنَفَّسُ إِلا بِإِذْنِي، قُلْ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ ﷿ فَإِنَّهُ وَاسِعُ المغفرة، وإنه قد أمهلك أربعمائة سَنَةٍ وَفِي كُلِّهَا أَنْتَ مُبَارِزٌ بِمُحَارَبَتِهِ تُشَبِّهُ وَتُمَثِّلُ بِهِ، وَتَصَدُّ عِبَادَهُ عَنْ سَبِيلِهِ،
وَهُوَ يُمْطِرُ عَلَيْكَ السَّمَاءَ وَيُنْبِتُ لَكَ الأَرْضَ، لَمْ تَسْقَمْ وَلَمْ تَهْرَمْ وَلَمْ تَفْتَقِرْ وَلَمْ تُغْلَبْ، وَلْو شَاءَ أَنْ يُعَجِّلَ ذَلِكَ لَكَ أَوْ يَسْلُبَكَهُ فَعَلَ، وَلَكِنَّهُ ذُو أَنَاةٍ وَحِلْمٍ. وَجَاهِدْهُ بِنَفْسِكَ وَأَخِيكَ وَأَنْتُمَا مُحْتَسِبَانِ بِجِهَادِهِ، فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ أَنْ آتِيَهُ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُ بِهَا لَفَعَلْتُ، وَلَكِنْ لِيَعْلَمْ هَذَا الْعَبْدُ الضَّعِيفُ الَّذِي قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَجُمُوعُهُ أَنَّ الْفِئَةَ الْقَلِيلَةَ وَلا قَلِيلَ مِنِّي، تَغْلِبُ الْفِئَةَ الْكَثِيرَةَ بِإِذْنِي، وَلا تُعْجِبْكُمَا زِينَتَهُ وَمَا مُتِّعَ بِهِ وَلا تَمُدَّانِ إِلَى ذَلِكَ أَعْيُنَكُمَا، فَإِنَّهَا زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَةُ الْمُتْرَفِينَ، فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ أَنْ أُزَيِّنَكُمَا مِنَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ يَعْلَمُ فِرْعَوْنُ حِينَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا أَنَّ مَقْدِرَتَهُ تَعْجِزُ عَنْ مثل ما آتيتكما فَعَلْتُ، وَلَكِنْ أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ وَأَزْوِيهِ عَنْكُمَا وَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَوْلِيَائِي، وَقَدِيمًا مَا خِرْتُ لهم في ذلك فإني أذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الرَّاعِي الشَّفِيقُ إِبِلَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ، وَإِنِّي لأُجَنِّبُهُمْ سُكُونَهَا وَعَيْشَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ إِبِلَهُ عَنْ مَبَارَكِ العُرّة، وَمَا ذَلِكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي مُوفَرًا لَمْ تَكْلِمْهُ الدُّنْيَا وَلَمْ يُطْفِهِ الْهَوَى، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَيَّنِ الْعِبَادُ بِزِينَةٍ أَبْلَغَ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّهَا زِينَةُ الْمُتَّقِينَ، عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِبَاسٌ يُعْرَفُونَ بِهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْخُشُوعِ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقًّا، فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ وَذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا أَوْ أَخَافَهُ فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَبَادَأَنِي وَعَرَّضَ نَفْسَهُ وَدَعَانِي إِلَيْهَا، وَأَنَا أَسْرَعُ شَيْءٍ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي، أَفَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبُنِي أَنْ يَقُومَ بِي؟ أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُعَادِينِي أَنْ يُعْجِزَنِي؟ أَمْ يَظُنُّ الَّذِي يُبَارِزُنِي أَنْ يَسْبِقَنِي أَوْ يَفُوتَنِي؟ فَكَيْفَ وَأَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لا أكِلُ نُصْرَتَهُمْ إِلَى غَيْرِي.
قَالَ: فَأَقْبَلَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْنَ فِي مَدِينَةٍ قَدْ جُعِلَ حَوْلَهَا الأُسْدُ في عيضه قَدْ غَرَسَهَا وَالأُسْدُ فِيهَا مَعَ سَاسَتِهَا إِذَا أَسَّدَتْهَا عَلَى أَحَدٍ أُكِل، وَلِلْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ

1 / 225