Tabsira
التبصرة
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بما صبروا﴾ كَانَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ كَأَبِي جَهْلٍ وَعُتْبَةَ وَالْوَلِيدِ قَدِ اتَّخَذُوا فُقَرَاءَ الصَّحَابَةِ كَعَمَّارٍ وَبِلالٍ وَخَبَّابٍ وصهيب سخريًا يستهزءون بِهِمْ وَيَضْحَكُونَ مِنْهُمْ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ لَهُمْ: ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ على أذاكم واستهزائكم.
أما عَلِمَ الصَّالِحُونَ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ رِحْلَةٍ دَافَعُوا زَمَانَ الْبَلاءِ وَأَدْلَجُوا فِي لَيْلِ الصَّبْرِ عِلْمًا مِنْهُمْ بِقُرْبِ فَجْرِ الأَجْرِ، فَمَا كَانَتْ إِلا رَقْدَةٌ حَتَّى صَبَّحُوا مَنْزِلَ السَّلامَةِ، نَفِذَتْ أَبْصَارُ بَصَائِرِهِمْ بِنُورِ الْغَيْبِ إِلَى مُشَاهَدَةِ مَوْصُوفِ الْوَعْدِ، فَتَعَلَقَّتْ يَدُ الآمَالِ بِمَا عَايَنَتْ بَوَاطِنُ الْقُلُوبِ، وَأَخْمَصُوا عَنِ الْحَرَامِ الْبُطُونَ، وَغَضُّوا عَنِ الآثَامِ الْجُفُونَ، وَسَكَبُوا فِي ظَلامِ اللَّيْلِ الدُّمُوعَ، وَتَمْلَمُلوا تململ الملسوع، استقاد قلوبهم زمان التطلف، ثُمَّ جَثَّهَا سَائِقُ التَّعَسُّفِ، فَكُلَّمَا أَلاحَ لَهُمُ الرَّجَاءُ نُورَ الْوِصَالِ طَبَّقَ ظَلامُ الْخَوْفِ سَمَاءَ الأَعْمَالِ، فَهُمْ فِي بَيْدَاءِ التَّحَيُّرِ يَسْرَحُونَ، وَمِنْ بَابِ التَّضَرُّعِ لا يَبْرَحُونَ، وَحُزْنُهُمْ أَوْلَى مِمَّا يَفْرَحُونَ، فَإِذَا عَمَّهُمُ الْغَمُّ فَبِالذِّكْرِ يَتَرَوَّحُونَ، رَفَضُوا الدُّنْيَا فَسَلَّمُوا وَطَلَبُوا الأُخْرَى فَمَا نَدِمُوا، يَا بُشْرَاهُمْ إِذَا قَدِمُوا وَغَنِمُوا.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصوفي، أنبأنا أبو سعد الْحِيرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عن الوليد ابن مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ حَدَّثَنِي حَكِيمٌ مِنَ الحكماء قال مرت بِعَرِيشِ مِصْرَ وَأَنَا أُرِيدُ الرِّبَاطَ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ فِي مَظَلَّةٍ قَدْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاهُ وَبِهِ أَنْوَاعُ الْبَلاءِ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ للَّهِ حَمْدًا يُوَافِي
1 / 201