131

Tabsira

التبصرة

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي الإِنْجِيلِ: تَعْمَلُونَ الْخَطَايَا وَتُنْكِرُونَ الْعُقُوبَةَ!
يَا مَنْ مَعَاصِيهِ جَمَّةٌ مَشْهُورَةٌ وَنَفْسُهُ بِمَا يَجْنِي عَلَيْهَا مَسْرُورَةٌ، أَفِي الْعَيْنِ كَمَهٌ أَمْ عَشَى، أَإِلَيْكَ الأَمْرُ كَمَا تشاء، أَعَلَى الْقَلْبِ حِجَابٌ أَمْ غِشَا، يَا كَثِيرَ الْمَعَاصِي قَعَدَ أَوْ مَشَى، عَظُمَتْ ذُنُوبُكَ فَمَتَى تَقْضِي، يَا مُقِيمًا وَهُوَ فِي الْمَعْنَى يَمْضِي، أَفْنَيْتَ الزَّمَانَ فِي الْخَطَايَا ضِيَاعًا، وَسَاكَنْتَ غُرُورًا مِنَ الأَمَلِ وَأَطْمَاعًا، وَصِرْتَ فِي تَحْصِيلِ الدُّنْيَا مُحْتَرِفًا صَنَّاعًا، تُصْبِحُ جَامِعًا وَتُمْسِي مَنَّاعًا، فَتِّشْ عَلَى قَلْبِكَ وَلُبِّكَ قَدْ ضَاعَا تَفَكَّرْ فِي عُمْرِكَ مَضَى نَهْبًا، مُشَاعًا لا فِي الشَّبَابِ أَصْلَحْتَ وَلا فِي الْكُهُولَةِ أَفْلَحْتَ، كَمْ حَمَّلْتَ أَزْرَكَ وِزْرًا ثَقِيلا، وَاجْتَرَحْتَ يَا بُعْدَ صَلاحِ ما جرحت، يا سيء السَّرِيرَةِ كَمْ عَلَيْكَ جَرِيرَةٍ، وَيْحَكَ أَتَنْسَى الْحَفِيرَةَ، أَمْ هِيَ عِنْدَكَ حَقِيرَةٌ، أَيَّامُ عُمْرِكَ قَصِيرَةٌ وَتُضَيِّعُهَا عَلَى بَصِيرَةٍ لَقَدْ قَطَعَ الأَجَلُ مَسِيرَةً وَلَكِنْ عَلَى أَقْبَحِ سِيرَةٍ، ذُنُوبُكَ جَمَّةٌ كَثِيرَةٌ، وعينك به قَرِيرَةٌ، مَا تُظْلَمُ بِهَا مِقْدَارَ شَعِيرَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: إِنَّمَا الدُّنْيَا سُوقٌ خَرَجَ النَّاسُ مِنْهَا بِمَا يَضُرُّهُمْ وَبِمَا يَنْفَعُهُمْ، وَكَمِ اغْتَرَّ نَاسٌ فَخَرَجُوا مَلُومِينَ وَاقْتَسَمَ مَا جَمَعُوا مَنْ لَمْ يَحْمَدْهُمْ، وَصَارُوا إِلَى مَنْ لا يَعْذِرُهُمْ فَيَحِقُّ لَنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا نَغْبِطُهُمْ بِهِ مِنَ الأَعْمَالِ فَنَعْمَلُهَا وَإِلَى مَا نَتَخَوَّفُ فَنَجْتَنِبُهَا.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: الْمَغْبُونُ مَنْ عَطَّلَ أَيَّامَهُ بِالْبَطَالاتِ وَسَلَّطَ جَوَارِحَهُ عَلَى الْهَلَكَاتِ، وَمَاتَ قَبْلَ إِفَاقَتِهِ مِنَ الْجِنَايَاتِ:
(بَدَتْ دَهْيَاءُ تُنْذِرُ بِالْخُطُوبِ ... نُلاحِظُهَا بِأَبْصَارِ الْقُلُوبِ)
(وَقَدْ دَلَّ الْمَجِيءُ عَلَى ذَهَابٍ ... كَمَا دَلَّ الطلوع على الغروب)
يا هذا الطالب حييت فَبَادِرْ، وَالْفَضَائِلُ مُعْرِضَةٌ فَثَابِرْ، اتْرُكِ الْهَوَى مَحْمُودًا، قبل أن يتركك مَذْمُومًا، إِنْ فَاتَتْكَ قَصَبَاتُ السَّبْقِ فِي الْوَلايَةِ، فلا تفوتنك

1 / 151