124

Tabsira

التبصرة

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
﴿إن هذا لهو البلاء المبين﴾ وَفِيهِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: النِّعْمَةُ الْبَيِّنَةُ وَهُوَ الْعَفْوُ عَنِ الذَّبْحِ. وَالثَّانِي: الاخْتِبَارُ الْعَظِيمُ، وَهُوَ امْتِحَانُهُ بالذبح ﴿وفديناه بذبح﴾ وَهُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ اسْمُ مَا ذُبِحَ وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرُ ذَبَحْتَ. وَالْمَعْنَى: خَلَّصْنَاهُ مِنَ الذَّبْحِ بِأَنْ جَعَلْنَا الذَّبْحَ فِدَاءً لَهُ. وَفِي هَذَا الذَّبْحِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ كَبْشًا أَقْرَنَ قَدْ رَعَى فِي الْجَنَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ عَامًا. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ. و[قال] فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: هُوَ الْكَبْشُ الَّذِي قَرَّبَهُ ابْنُ آدَمَ فَتُقُبِّلَ مِنْهُ، كَانَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى فُدِيَ بِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ فَدَى ابْنَهُ بِكَبْشَيْنِ أَبْيَضَيْنِ أَعْيَنَيْنِ أَقْرَنَيْنِ. رَوَاهُ الطُّفَيْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ ذَكَرًا مِنَ الأَرْوَى أُهْبِطَ عَلَيْهِ مِنْ ثبير قاله الحسن.
وفي قوله ﴿عظيم﴾ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: لأَنَّهُ قَدْ رَعَى فِي الْجَنَّةِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُتَقَبَّلٌ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ. قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: كَانَ ذَلِكَ بِإِيلِيَاءَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ.
سُبْحَانَ الْمُفَاوِتِ بَيْنَ الْخَلْقِ! يُقَالُ لِلْخَلِيلِ: اذْبَحْ وَلَدَكَ. فَيَأْخُذُ الْمُدْيَةَ وَيُضْجِعُهُ لِلذَّبْحِ، وَيُقَالُ لِقَوْمِ مُوسَى: ﴿اذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ فذبحوها وما كادوا يفعلون!
وَيُخْرِجُ أَبُو بَكْرٍ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، وَيَبْخَلُ ثَعْلَبَةُ بِالزَّكَاةِ! وَيَجُودُ حَاتِمٌ بِقُوتِهِ، وَيَبْخَلُ بِضَوْءِ نَارِهِ الحُباحِب.
وَكَذَلِكَ فَاوَتَ بَيْنَ الْفُهُومِ فَسَحْبَانُ أَنْطَقُ مُتَكَلِّمٍ، وَبَاقِلٌ أَقْبَحُ مِنْ أَخْرَسَ.
وَفَاوَتَ بَيْنَ الأَمَاكِنِ فَزَرُودٌ تَشْكُو الْعَطَشَ وَالْبَطَائِحُ تَصِيحُ: الْغَرَقَ.
قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: لَمْ يَمُتْ إِبْرَاهِيمُ حتى نبىء إِسْحَاقُ وَبُعِثَ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ زَوَّجَ إِسْحَاقَ أروقَةَ بِنْتَ بتاويلَ، فَوَلَدَتْ لَهُ الْعَيْصَ وَيَعْقُوبَ، وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً. فَأَمَّا الْعَيْصُ فَتَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ إِسْمَاعِيلَ، فَوَلَدَتْ لَهُ الرُّومَ، فَكُلُّ بَنِي الأَصْفَرِ مِنْ وَلَدِهِ وَكَثُرَ أَوْلادُهُ حَتَّى غَلَبُوا الْكَنْعَانِيِّينَ بِالشَّامِ وَصَارُوا إِلَى الْبَحْرِ وَالسَّوَاحِلِ وَصَارَ الْمُلُوكُ مِنْ وَلَدِهِ وَهُمُ الْيُونَانِيَّةُ.
وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَتَزَوَّجَ ليَا فَوَلَدَتْ أَكْثَرَ أَوْلادِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ رَاحِيلَ فَوَلَدَتْ لَهُ

1 / 144