Tabrid dalam Warisan Ilmiah Arab
التبريد في التراث العلمي العربي
Genre-genre
أولا لجواز أن يلحق تلك الأجزاء مد، أما أبخرة الأرض فإنها متجددة دائما فيما وراء الإناء، فلا يلزم شيء من تلك الأمور الثلاثة.
وأما ثانيا فبأنه يجوز أن يتحرك الأبعد إلى المكان الأقرب في زمان حركته إلى الإناء مثلا، وإذا تحرك إلى الإناء ما كان على بعد ربع ذراع منه تحرك الذي على بعد نصف ذراع منه إلى مكان ما كان على بعد الربع، وهكذا فلا ينفد ولا ينقص بتراخي أزمنة النزول.
وثالثا بالنقص بوجهين؛ الأول أنه إن كانت برودة الإناء مقتضية لانقلاب الهواء المحيط به ماء للزم أن يصير الهواء المحيط بذلك الماء أيضا ماء بسبب برودة الماء، وكذلك الهواء المحيط بذلك الهواء إلى أن يجري به جريانا صالحا، والمشاهدة تكذبه. والثاني أنه لو كان برودة الإناء سببا لانقلاب الهواء ماء لوجب أن تركيب الندى في جميع سطح الإناء بلا فرجة، وإن كان جميعه في غاية البرودة والهواء أيضا متصلا بجميعه فيلزم اتصال القطرات بعضها ببعض، وليس كذلك، بل الراكب على سطح الإناء قطرات منفصلة كحبات متفرقة. وأجيب عن الأول بأن جرم الإناء لصلابته يغير تكيفه بالكيفيات الغريبة، وعند تكيفه يشتد تكيفه بها ويحفظها بطنا؛ ولذلك ربما يوجد الأواني الرصاصية المشتملة على المايعات الحارة أسخن من تلك المايعات؛ فالإناء المذكور لشدة تبرده يفسد الهواء المحيط به، والماء يضعف تبرده وسرعة تكيفه بالكيفية الغريبة تحيله الهواء المحيط به غير برودته سريعا فلا يفسد الهواء ما دام على سطح الإناء ماء. وأما إذا تأخر عنه واتصل الهواء بالسطح عاد إلى فساده. وعن الثاني بأنه لا يلزم من إحالة جزء من سطح الإناء الهواء الملاصق به إلى الماء إحالة كل جزء منه ما يلاصقه لجواز أن يكون للبرد المحيط شرط لا يوجد في كل جزء منه وإن لم نعلمه.»
84 (13) ابن رشد (القرن 6ه/12م)
يعتبر ابن رشد (توفي 595ه/1198م) أن الحرارة والبرودة ظاهرتان مؤثرتان في وجود الأشياء على ما هي عليه من بنية وشكل. ويكون تأثير الحرارة في تكوين الأجسام أكبر من تأثير البرودة التي تأتي في المقام الثاني الذي يقتصر على تعديل نسب الحرارة.
قال ابن رشد: «إنه قد تبين هنالك أن الحرارة والبرودة هما الكيفيتان الفاعلتان في الكون التي تحرك المكون إلى أن يكون ذا قوام وشكل وصورة، وأن الحرارة هي التي تفعل ذلك أولا وبالذات، والبرودة ثانيا وعلى القصد الثاني. وإنما كان ذلك كذلك لأن الحرارة هي التي تفعل في المكون الخلط أولا، ثم الطبخ ثم النضج والتمام والقوام والشكل، وذلك بعد أن نفى الفضلة التي لا تصلح أن تكون جسدا لذلك المكون عنه. وهي في هذا المعنى تستعين بالبرودة؛ لأن الحرارة التي تفعل هذا هي حرارة مقررة معدلة، وتعديلها يكون بالبرودة. وأكثر ما تستعين بالبرودة لإصلاح ما يلحق فعل الحرارة من الرخاوة، والتليين الذي يلحق عن فعلها في المكون؛ فهي بالبرودة تصلح لهذا المعنى.»
85
ثم حاول ابن رشد توضيح أن علاقة التضاد التي بين الحرارة والبرودة ليست مباشرة على مستوى المفاهيم، وإنما على مستوى الأجسام؛ فالجسم الحار عندما يصرف الحرارة عنه فهو يحل مكانها البرودة، والعكس صحيح. «والأضداد لا تقبل بعضها بعضا، وإنما يقبلها الحامل لها على جهة التعاقب، مثال ذلك أن الحرارة لا تقبل البرودة، وإنما يقبل البرودة الجسم الحار بأن تنسلخ عنه الحرارة ويقبل البرودة، وبالعكس.»
86
أما عن كيفية تسبيب الشمس للحرارة والبرودة في الجو فإن العملية تتم كما يأتي: عندما تميل أشعة الشمس مبتعدة نحو الجنوب فإن حرارتها تنخفض في الشمال؛ الأمر الذي يدفع بالمواد ذات الطبيعة المائية للتشكل مثل الأمطار، وعندما تصعد هذه الأشعة من الجنوب فإنها تسخن الشمال، وهكذا دواليك تتكرر الحالة؛ فإذا كان الشمال باردا كان الجنوب ساخنا والعكس صحيح.
Halaman tidak diketahui