Tabiat dan Metafizik: Jirim, Kehidupan, Tuhan
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
Genre-genre
إن أقل تأمل في ذات الله وفي مقتضياتها، يقودنا إلى أن البساطة تستتبع ضرورة ألا يكون في الله سوى فعل واحد، يشتمل على جميع الأفعال، ويتضمن جميع المفعولات. وترجع الأفعال الإلهية في اعتبارنا إلى العلم والإرادة، تلحقهما القدرة والحرية، ويلحق القدرة الخلق والعناية: كلها يتبع بعضها بعضا، وكلها فعل واحد، ومفعولاتها هي المتنوعة، فبالطبع لا بد من النظر فيها على الترتيب المتقدم، ومن محاولة التوفيق بين الكثرة فيها وبين الوحدة الواجبة للعلة الأولى. (2) العلم الإلهي
بيد أن البساطة تستتبع نتيجة معارضة للنتيجة السابقة، أدنى كلفة، وأخصر بيانا، هي التعطيل وإنكار الصفات والأفعال، فنعفي أنفسنا من تحليلها ومحاولة ردها إلى الوحدة، وهذا ما نرى له مثالا في صفة العلم، فقد نزه أرسطو الله عن العلم بالموجودات ظنا منه أن هذا العلم يضيف إلى الله كثرة من المعلومات، والماهية الإلهية تأبى كل كثرة أشد الإباء، وإبقاء على البساطة بدقيق معناها، وصونا لعلوه واستقلاله، فلا يقبل معلومات من خارج، خصوصا وأن الماهيات الخارجية أدنى من ماهيته، وزاد أفلوطين أن الله لا يعلم حتى ذاته؛ لأن هذا العلم يدخل عليه ازدواج العالم والمعلوم، وشأن الازدواج شأن الكثرة الخارجية بالتمام.
لكن أرسطو نفسه قال في موضوع آخر: إن سلب العلم عن الله يجعله بمثابة النائم، ومن ثمة أقل الموجودات حكمة وكرامة. كذلك قال: إن أساس العلم الروحانية؛ لأنها تقبل صورة المعلوم كما هي، والله روحاني، فهو عقل، ولما كان مطلق الوجود، فهو العقل بالذات. فمن حيث علم الله بذاته، لا يجوز عليه كثرة ولا ازدواج؛ وذلك لأن المخلوق يعلم بقوة زائدة على ذاته، كالحس أو العقل، فهو يعلم المعلومات واحدا واحدا كلما خرج من القوة إلى الفعل، والله يعلم ذاته بذاته أولا ودائما لتجرده كل التجرد عن المادة العائقة للعلم لعدم تجردها، وبسبب تجرد الذات الإلهية هي معلومة أولا ودائما، فيتلقى العالم والمعلوم، وهذا معنى كلمة أرسطو المشهورة: «إن الله عقل العقل.» والعلم بالذات لا يسبب ازدواجا؛ إذ إنه رجوع العارف على المعروف؛ والمعروف هنا هو الذات الإلهية نفسها التي هي في الغاية من التجرد والبساطة.
والرد على سلب العلم بالكثرة عن الله، شبيه بالرد السابق: فإن الموجودات محاكيات للذات الإلهية، والعلم بالذات علم بها في نفس الوقت وفي وحدة الذات. والذين يسلبون عن الله العلم بالموجودات يظنون أن هذا العلم هو بالنسبة إلى الله كعلمنا بالنسبة إلينا. وقد قلنا الآن: إن الله لا يعلم بقوة زائدة على ذاته، تخرج إلى الفعل ونعد أفعالها، وإنما هو يعلم ذاته، ويعلم في ذاته بكل ما سواه بحسب وجود ما سواه فيها، أي في وحدة وبساطة.
يضاف إلى ما تقدم أن علم الله بالأشياء علم العلة لمعلولاتها، لا معرفة أشياء مغايرة للعارف وجودا وماهية؛ لذا نعجب لوقوف ابن سينا عند صعوبة لا محل لها إلا في نظام للمعرفة سار على المخلوق لا على الخالق: هذه الصعوبة في أن معرفة الماديات هي معرفة حسية، وأن ليس لله حواس ظاهرة ولا مخيلة يعلمها بها. وقد أبنا أن الله يعلم الأشياء باعتباره علتها، أي علة وجودها بماهيتها وأعراضها، على حين أن علمنا بها علم بموضوعات مغايرة لنا معروضة علينا من خارج. ونعجب لأفلوطين كيف يجرد الله من كل علم، مع أن الله خالق الأشياء، ولا بد أن يكون لها وجود سابق في علمه، وإلا كان صدورها عنه صدورا آليا بحتا؛ وفوق ذلك أن الله خالق لكائنات عاقلة، فكيف يكون لها علم ولا يكون لله خالقها علم؟
يبقى أن ننظر في كيفية العلم الإلهي، وأن نرسم الحدود التي تعينه تبعا للذات وبساطتها، فنقول: يجب أن يكون الله عالما بكل شيء. ويجب أن يكون علم الله بالجزئيات على الوجه المقدس العالي على الزمان، فلا يعلمها منها هي، وإلا كان لغيره فيه تأثير، ولا يعلم المتغيرات مع تغيرها، فيكون متغير الذات،
1
بل يجب أن يكون العلم الإلهي علما بالذات الإلهية، وبكل شيء في الذات الإلهية التي هي أصل الوجود ونموذجه، وأن يكون حدسيا حاصلا دفعة واحدة لحضور الذات الإلهية لذاتها حضورا تاما. وعلى ذلك يعرف الله الحادثات بحسب وجود معانيها فيه، وقد يكون منها مستقبلات بالنسبة إلينا ويعرف المركبات دون تفصيل ولا تأليف؛ لأن ما في شيء فهو فيه بحسب حال ذلك الشيء، والله واحد كل الوحدة، بسيط كل البساطة، فيجب أن يكون علمه على هذا الحال.
مر بنا أن ابن سينا ينفي عن الله العلم بالجزئيات، بحجة أن الله روح صرف، لا يدرك المحسوس بما هو جزئي محسوس، بل بما هو كلي معقول، ولا يدرك المتغير مع تغيره، بل مع تجرد ماهيته وثباتها، ونريد أن نلخص الردود على هذه النظرية لأهميتها، فنقول: إن الله يعلم الجزئيات كما تعلم العلة معلولاتها، والمعلولات هنا هي الموجودات بماهيتها وأعراضها، فيجب أن يتناولها العلم الإلهي بكليتها، وأن تتناولها القدرة الإلهية بكليتها، فتخرج إلى الوجود مشخصة لا مجردة، ولعلنا قد أوضحنا مسألة العلم الإلهي من جميع نواحيها، وفيما سيأتي من القول عن الإرادة الإلهية والخلق مزيد بيان. (3) الإرادة الإلهية
لله علم، وإذن لله إرادة، فإن العاقل مريد ضرورة، إذ إن العقل يدرك مطلق الخير، وما بينه وبين الخيرات الجزئية من تفاوت، فيستطيع أن يطلبها، كما يستطيع أن ينبذها؛ لأن هذا التفاوت يجعلها في مقدوره، بينما مطلق الخير يعلو على المقدور، فلا ينبذ، بل يزاد حتما - على ما شرحنا في مفتتح الفصل المخصص للإرادة في الباب الأول. وتتبع القدرة الإرادة، ولا معنى للإرادة بدون القدرة، فإن المريد العاجز عاجز حتى عن الإرادة، ولا يقال له مريد، وتتبدى الإرادة الإلهية في خلق الكون وتدبيره، وبكلمة واحدة: في إيجاد كل ممكن، «والعجز إنما هو عن المقدور لا عن المستحيل، ولا يسمى عاجزا من لم يقدر على فعل الممتنع.»
Halaman tidak diketahui