Tabakat Al-Sufiah
طبقات الصوفية
Penyiasat
مصطفى عبد القادر عطا
Penerbit
دار الكتب العلمية - بيروت
Nombor Edisi
الأولى، 1419هـ 1998م
بسم الله الرحمن الرحيم
[طبقات الصوفية]
المقدمة
الحمد لله الذي أظهر آثار قدرته وأنوار عزته في كل وقت وزمان وحين وأوان وعمر كل عصر من الأعصار بنبي مبعوث يدل الخلق ويرشدهم إليه إلى أن ختم الأنبياء والرسل بالنبي الأشرف والرسول الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله ورسله
وأتبع الأنبياء عليهم السلام بالأولياء يخلفونهم في سننهم ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم فلم يخل وقتا من الأوقات من داع إليه بحق أو دال عليه ببيان وبرهان
وجعلهم طبقات في كل زمان فالولي يخلف الولي باتباع آثاره والاقتداء بسلوكه فيتأدب بهم المريدون ويأتسي بهم الموحدون قال الله تعالى {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء} الآية الفتح 25
وقال النبي (صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم) ثم الذين يلونهم الحديث
وقال صلى الله عليه وسلم (مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره)
Halaman 20
فعلم صلى الله عليه وسلم أن آخر أمته لا يخلو من أولياء وبدلاء يبينون للأمة ظواهر شرائعه وبواطن حقائقه ويحملونهم على آدابها ومواجبها إما بقول أو بفعل
فهم في الأمم خلفاء الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وهم أرباب حقائق التوحيد والمحدثون وأصحاب الفراسات الصادقة والآداب الجميلة والمتبعون لسنن الرسل صلوات الله عليهم أجمعين إلى أن تقوم الساعة
ولذلك روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يزال في أمتي أربعون على خلق إبراهيم الخليل عليه السلام إذا جاء الأمر قبضوا)
وقد ذكرت في كتاب الزهد من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين قرنا فقرنا وطبقة فطبقة إلى أن بلغت النوبة إلى أرباب الأحوال المتكلمين على لسان التفريد وحقائق التوحيد واستعمال طرق التجريد فأحببت أن أجمع في سير متأخري الأولياء كتابا أسميه طبقات الصوفية أجعله على خمس طبقات من أئمة القوم ومشايخهم وعلمائهم فأذكر في كل طبقة عشرين شيخا من أئمتهم الذين كانوا في زمان واحد أو قريب بعضهم من بعض وأذكر لكل واحد من كلامه وشمائله وسيرته ما يدل على طريقته وحاله وعلمه بقدر وسعى وطاقتي
وهذا بعد أن استخرت الله تعالى في ذلك وفي جميع أموري وبرئت فيه من حولي وقوتي وسألته أن يعينني عليه وعلى كل خير ويوفقني له ويجعلني من أهله وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأزواجه وسلم كثيرا
Halaman 21
الطبقة الأولى
1 - منهم الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي ثم اليربوعي
خراساني من ناحية مرو من قرية يقال لها فندين كذلك ذكره إبراهيم ابن الأشعث صاحبه فيما أخبرنا به يحيى بن محمد العكرمي بالكوفة قال سمعت الحسين بن محمد بن الفرزدق بمصر قال سمعت أحمد بن حموك قال سمعت نصر بن الحسين البخاري قال سمعت إبراهيم بن الأشعث يذكر ذلك
وذكر إبراهيم بن شماس أنه ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد
Halaman tidak diketahui
كذلك سمعت أحمد بن محمد بن رميح يقول سمعت إبراهيم بن نصر الضبي بسمرقند يقول يقول سمعت محمدا بن علي بن الحسن بن شقيق يقول سمعت إبراهيم بن شماس قال سمعت الفضيل بن عياض يقول ولدت بسمرقند ونشأت بأبيورد ورأيت بسمرقند عشرة آلاف جوزة بدرهم
سمعت أبا محمد السمرقندي يقول سمعت السراج يقول سمعت الجوهري يقول حدثني أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض قال أبى فضيل ابن عياض بن مسعود بن بشر يكنى بأبي علي من بني تميم من بني يربوع من أنفسهم ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد والأصل من الكوفة
وقال عبد الله بن محمد بن الحارث فضيل بن عياض بخاري الأصل والله أعلم
مات في المحرم سنة سبع وثمانين ومائة وأسند الحديث
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي قال أخبرنا الحسين بن داود البلخي قال أخبرنا فضيل بن عياض قال أخبرنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول الله تعالى للدنيا يا دنيا مري على أوليائي ولا تحلولي لهم فتفتنيهم)
Halaman 23
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الرازي قال سمعت محمدا بن نصر بن منصور الصائغ قال سمعت مردويه الصائغ قال سمعت الفضيل بن عياض يقول من يجلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة
قال وسمعت الفضيل يقول في آخر الزمان أقوام يكونون إخوان العلانية أعداء السريرة
وبه قال سمعت الفضيل يقول أحق الناس بالرضا عن الله أهل المعرفة بالله عز وجل
قال وسمعت الفضيل يقول لا ينبغي لحامل القرآن أن يكون له إلى خلق حاجة لا إلى الخلفاء فمن دونهم ينبغي أن تكون حوائج الخلق كلهم إليه
قال وسمعت الفضيل يقول لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة وإنما أدرك بسخاء الأنفس وسلامة الصدر والنصح للأمة
قال وسمعت الفضيل يقول لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال
قال وسمعت الفضيل يقول أصل الزهد الرضا عن الله تعالى
Halaman 24
قال وسمعته يقول من عرف الناس استراح
قال وسمعته يقول إني لا أعتقد إخاء الرجل في الرضا ولكني أعتقد إخاءه في الغضب إذا أغضبته
سمعت عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري قال حدثنا أبو محمد بن الراجيان قال حدثنا فتح بن شخرف قال حدثنا عبد الله بن خبيق قال قال الفضيل تباعد من القراء فإنهم إن أحبوك مدحوك بما ليس فيك وإن أبغضوك شهدوا عليك وقبل منهم
سمعت محمدا بن الحسن بن خالد البغدادي بنيسابور يقول سمعت أحمد بن محمد ابن صالح يقول حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا إسماعيل بن يزيد حدثنا إبراهيم قال سألت الفضيل بن عياض عن التواضع فقال أن تخضع للحق وتنقاد له وتقبل الحق من كل من تسمعه منه
سمعت عبيد الله بن عثمان يقول سمعت محمدا بن الحسين يقول سمعت المروزي يقول سمعت بشرا بن الحارث يقول قال الفضيل بن عياض أشتهي مرضا بلا عواد
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني قال سمعت زنجويه ابن الحسن اللباد قال حدثنا علي بن الحسن الهلالي قال حدثنا إبراهيم بن
Halaman 25
الأشعث قال سمعت الفضيل بن عياض يقول إن فيكم خصلتين هما من الجهل الضحك من غير عجب والتصبح من غير سهر
قال وسمعته يقول من أظهر لأخيه الود والصفاء بلسانه وأضمر له العداوة والبغضاء لعنه الله فأصمه وأعمى بصيرة قلبه
قال وسمعت الفضيل بن عياض يقول في قول الله تعالى {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} الآية {الأنبياء} لذين يحافظون على الصلوات الخمس
قال وسمعته يقول كان يقال جعل الشر كله في بيت وجعل مفتاحه الرغبة في الدنيا وجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا
قال وسمعته يقول من كف شره فما ضيع ما سره
وبه قال الفضيل ثلاث خصال تقسي القلب كثرة الأكل وكثرة النوم وكثرة الكلام
قال وسمعت الفضيل يقول خير العمل أخفاه وأمنعه من الشيطان وأبعده من الرياء
قال وسمعته يقول إن من شكر النعمة أن نحدث بها
وبه قال الفضيل أبى الله إلا أن يجعل أرزاق المتقين من حيث لا يحتسبون
وبه قال الفضيل لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له
Halaman 26
وبه قال طوبى لمن استوحش من الناس وأنس بربه وبكى على خطيئته
ومنهم ذو النون بن إبراهيم المصري أبو الفيض ويقال ثوبان ابن إبراهيم وذو
النون لقب ويقال الفيض بن إبراهيم
سمعت عليا بن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ ببغداد يقول أخبرني الحسين بن أحمد بن الماذرائي قال قرأ علي أبو عمر الكندي في كتابه أعيان الموالي فذكر فيه ومنهم ذو النون بن إبراهيم الأخميمي مولى لقريش وكان أبوه إبراهيم نوبيا
توفي سنة خمس وأربعين ومائتين كذلك أخبرني علي بن عمر أخبرني الحسن بن رشيق المصري إجازة حدثني جبلة بن محمد الصدفي حدثنا عبد الله بن سعيد بن كثير ابن عفير بذلك
وقيل مات سنة ثمان وأربعين
Halaman 27
وأسند الحديث أخبرنا عبد الله بن الحسين بن إبراهيم الصوفي أخبرنا محمد بن حمدون بن مالك البغدادي أخبرنا الحسن بن أحمد بن المبارك وأخبرنا أحمد بن صليح الفيومي أخبرنا ذو النون المصري عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)
سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت العباس بن عبد الله الواسطي قال سمعت إبراهيم بن يونس يقول سمعت ذا النون يقول إياك تكون بالمعرفة مدعيا أو تكون بالزهد محترفا أو تكون بالعبادة متعلقا
وبه قال سمعت ذا النون وسئل ما أخفى الحجاب وأشده قال رؤية النفس وتدبيرها
Halaman 28
أخبرنا الحسن بن رشيق إجازة قال حدثنا علي بن يعقوب بن سويد الوراق حدثنا محمد بن إبراهيم البغدادي حدثنا محمد بن سعيد الخوارزمي قال سمعت ذا النون وسئل عن المحبة قال أن تحب ما أحب الله وتبغض ما أبغض الله وتفعل الخير كله وترفض كل ما يشغل عن الله وألا تخاف في الله لومة لائم مع العطف للمؤمنين والغلظة على الكافرين واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين
سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الرازي يقول سمعت يوسف ابن الحسين يقول سمعت ذا النون يقول قال الله تعالى (من كان لي مطيعا كنت له وليا فليثق بي وليحكم علي فوعزتي لو سألني زوال الدنيا لأزلتها له)
أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب إجازة أن عبد الله بن محمد بن ميمون حدثهم قال سألت ذا النون عن الصوفي فقال من إذا نطق أبان نطقه عن الحقائق وإن سكت نطقت عنه الجوارح بقطع العلائق
وبه قال سمعت ذا النون يقول الأنس بالله من صفاء القلب مع الله والتفرد بالله الانقطاع من كل شيء سوى الله
سمعت أبا عثمان سعيد بن أحمد بن جعفر يقول سمعت محمد بن أحمد ابن محمد بن سهل يقول سمعت سعيد بن عثمان الخياط يقول سمعت ذا
Halaman 29
النون يقول من أراد التواضع فليوجه نفسه إلى عظمة الله فإنها تذوب وتصفو ومن نظر إلى سلطان الله ذهب سلطان نفسه لأن النفوس كلها فقيرة عند هيبته
قال وسمعت سعيد بن عثمان يقول سمعت ذا النون يقول لم أر أجهل من طبيب يداوي سكران في وقت سكره لن يكون لسكره دواء حتى يفيق فيداوى بالتوبة
وبه قال سمعت ذا النون يقول لم أر شيئا أبعث لطلب الإخلاص من الوحدة لأنه إذا خلا لم ير غير الله تعالى فإذا لم ير غيره لم يحركه إلا حكم الله ومن أحب الخلوة فقد تعلق بعمود الإخلاص واستمسك بركن كبير من أركان الصدق
وبه قال سمعت ذا النون يقول من علامات المحبة لله متابعة حبيب الله في أخلاقه وأفعاله وأمره وسننه
وسمعته يقول إذا صح اليقين في القلب صح الخوف فيه
سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت العباس بن يوسف يقول سمعت سعيد بن عثمان يقول أنشدني ذو النون
Halaman 30
(أموت وما ماتت إليك صبابتي ... ولا قضيت من صدق حبك أوطاري)
(مناي المنى كل المنى أنت لي مني ... وأنت الغني كل الغنى عند إقتاري)
(وأنت مدى سؤلي وغاية رغبتي ... وموضع آمالي ومكنون إضماري)
(تحمل قلبي فيك ما لا أبثه ... وإن طال سقمي فيك أو طال إضراري)
(وبين ضلوعي منك ما لك قد بدا ... ولم يبد باديه لأهل ولا جار)
(وبي منك في الأحشاء داء مخامر ... وقد هدمني الركن وانبث إسراري)
(ألست دليل الركب إن هم تحيروا ... ومنقذ من أشفى على جرف هاري)
(أنرت الهدى للمهتدين ولم يكن ... من النور في أيديهم عشر معشار)
(فنلني بعفو منك أحيا بقربه ... اغثني بيسر منك يطرد إعساري)
قال وسمعت ذا النون يقول لئن مددت يدي إليك داعيا لطالما كفيتني ساهيا أأقطع منك رجاي بما عملت يداي حسبي من سؤالي علمك بحالي
وبه قال ذو النون كل مدع محجوب بدعواه عن شهود الحق لأن الحق شاهد لأهل الحق لأن الله هو الحق وقوله الحق ولا يحتاج أن يدعي إذا كان الحق شاهدا له فأما إذا كان غائبا فحينئذ يدعى وإنما تقع الدعوى للمحجوبين
Halaman 31
وبه قال ذو النون من أنس بالخلق فقد استمكن من بساط الفراعنة ومن غيب عن ملاحظة نفسه فقد استمكن من الإخلاص ومن كان حظه في الأشياء هو لا يبالي ما فاته مما هو دونه
سمعت أبا الحسن علي بن محمد القزويني يقول سمعت علي بن أحمد ابن محمد البزناني يقول سمعت محمد بن الحسين يقول سمعت فارسا يقول سمعت يوسف بن الحسين يقول سمعت ذا النون يقول الصدق سيف الله في أرضه ما وضع على شيء إلا قطعه
وبإسناده قال ذو النون من تزين بعمله كانت حسناته سيئات
سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول سمعت فارسا يقول سمعت يوسف بن الحسين يقول سمعت ذا النون يقول بأول قدم تطلبه تدركه وتجده
Halaman 32
وبإسناده قال سمعت ذا النون يقول أدنى منازل الأنس أن يلقى في النار فلا يغيب همه عن مأموله
سمعت أبا سعيد أحمد بن محمد بن رميح الحافظ يقول سمعت أبا يعلى ابن خلف يقول سمعت ابن البرقي يقول سمعت ذا النون يقول الأنس بالله نور ساطع والأنس بالخلق غم واقع
سمعت نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب العطار يقول سمعت أبا محمد البلاذري يقول سمعت يوسف بن الحسين يقول سمعت ذا النون يقول لله عباد تركوا الذنب استحياء من كرمه بعد أن تركوه خوفا من عقوبته ولو قال لك اعمل ما شئت فلست آخذك بذنب كان ينبغي أن يزيدك كرمه استحياء منه وتركا لمعصيته إن كنت حرا كريما عبدا شكورا فكيف وقد حذرك
وبإسناده قال ذو النون الخوف رقيب العمل والرجاء شفيع المحن
وبإسناده قال ذو النون اطلب الحاجة بلسان الفقر لا بلسان الحكم
سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول سمعت الحسن بن سهل بن عاصم يقول سمعت علي بن عبد الله الكرجي يقول سمعت ذا النون يقول مفتاح العبادة الفكرة وعلامة الهوى متابعة الشهوات وعلامة التوكل انقطاع المطامع
سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول سمعت فارسا يقول سمعت
Halaman 33
يوسف بن الحسين يقول سمعت ذا النون يقول كان لي صديق فقير فمات فرأيته في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال قال لي قد غفرت لك بترددك إلى هؤلاء السفل أبناء الدنيا في رغيف قبل أن يعطوك
سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي يقول سمعت أبا الفضل العباس بن حمزة قال سمعت ذا النون يقول كان الرجل من أهل العلم يزداد بعلمه بغضا للدنيا وتركا لها واليوم يزداد الرجل بعلمه للدنيا حبا ولها طلبا وكان الرجل ماله على علمه واليوم تكسب الرجل بعلمه مالا وكان يرى على صاحب العلم زيادة في باطنه وظاهره واليوم يرى على كثير من أهل العلم فساد الباطن والظاهر
سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد الفارسي يقول سمعت فارسا يقول سمعت يوسف بن الحسين يقول سمعت ذا النون يقول العارف كل يوم أخشع لأنه كل ساعة أقرب
قال وسمعت ذا النون يقول يا معشر المريدين من أراد منكم الطريق فليلق العلماء بالجهل والزهاد بالرغبة وأهل المعرفة بالصمت
سمعت أبا جعفر الرازي يقول سمعت العباس بن حمزة يقول سمعت ذا النون يقول إن العارف لا يلزم حالة واحدة إنما يلزم ربه في الحالات كلها
Halaman 34
3 - ومنهم إبراهيم بن أدهم أبو إسحاق
من أهل بلخ كان من أبناء الملوك والمياسير خرج متصيدا فهتف به هاتف أيقظه من غفلته فترك طريقته في التزين بالدنيا ورجع إلى طريقة أهل الزهد والورع خرج إلى مكة وصحب بها سفيان الثوري والفضيل ابن عياض
ودخل الشام فكان يعمل فيه ويأكل من عمل يده وبها مات وأسند الحديث
أخبرنا عبد الله بن موسى بن الحسن السلامي بمرو قال حدثنا لاحق
Halaman tidak diketahui
ابن الهيثم اللاحقي قال حدثنا الحسن بن عيسى الدمشقي قال حدثنا محمد بن فيروز المصري قال حدثنا بقية قال حدثنا إبراهيم بن آدم عن أبيه أدهم بن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور العمامة
سمعت أبا العباس محمد بن الحسن بن الخشاب قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري قال حدثني أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال صحبت إبراهيم بن أدهم
Halaman 36
بالشام أنا وأبو يوسف الغسولي وأبو عبد الله السنجاري فقلت يا ابا إسحاق خبرني عن بدء أمرك كيف كان قال كان أبي من ملوك خراسان وكنت شابا فركبت إلى الصيد فخرجت يوما على دابة لي ومعي كلب فأثرت أرنبا أو ثعلبا فبينا أنا أطلبه إذا هتف بي هاتف لا أراه فقال يا إبراهيم ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ففزعت ووقفت ثم عدت فركضت الثانية ففعل بي مثل ذلك ثلاث مرات ثم هتف بي هاتف من قربوس السرج والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت قال فنزلت فصادفت راعيا لأبي يرعى الغنم فاخذت جبته الصوف فلبستها ودفعت إليه الفرس وما كان معي وتوجهت إلى مكة
فبينا أنا في البادية إذا أنا برجل يسير ليس معه إناء ولا زاد فلما أمسى وصلى المغرب حرك شفتيه بكلام لم أفهمه فإذا أنا بإناء فيه طعام وإناء فيه شراب فأكلت وشربت وكنت معه على هذا أياما وعلمني اسم الله الأعظم ثم غاب عني وبقيت وحدي فبينا أنا ذات يوم مستوحش من الوحدة دعوت الله به فإذا أنا بشخص آخذ بحجزتي وقال سل تعطه فراعني قوله
فقال لا روع عليك ولا بأس عليك أنا أخوك الخضر إن أخي داود علمك اسم الله الأعظم فلا تدع به على أحد بينك وبينه شحناء فتهلكه هلاك الدنيا والآخرة ولكن ادع الله أن يشجع به جنبك ويقوى به ضعفك ويؤنس به وحشتك ويجدد به في كل ساعة رغبتك ثم انصرف وتركني
Halaman 37
وسمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول سمعت علي بن محمد بن أحمد المصري يقول سمعت أحمد بن عيسى الخراز قال حدثني غير واحد من أصحابنا منهم سعيد بن جعفر الوراق وهارون الأدمي وعثمان التمار قالوا حدثنا عثمان بن عمارة قال حدثني إبراهيم بن أدهم عن رجل من أهل إسكندرية يقال له أسلم بن يزيد الجهني قال لقيته بالإسكندرية فقال لي من أنت يا غلام قلت شاب من أهل خراسان قال ما حملك على الخروج من الدنيا قلت زهدا فيها ورجاء لثواب الله تعالى فقال إن العبد لا يتم رجاؤه لثواب الله تعالى حتى يحمل نفسه على الصبر فقال رجل ممن كان معه وأي شيء الصبر فقال إن أدنى منازل الصبر أن يروض العبد نفسه على احتمال مكاره الأنفس
قال قلت ثم مه قال إذا كان محتملا للمكاره أورث الله قلبه نورا قلت وما ذلك النور قال سراج يكون في قلبه يفرق به بين الحق والباطل والناسخ والمتشابه قلت هذه صفة أولياء رب العالمين قال أستغفر الله صدق عيسى ابن مريم عليه السلام حين قال لا تضعوا الحكمة عند غير أهلها فتضيعوها ولا تمنعوها أهلها فتظلموها
فبصبصت إليه وطلبت إليه وطلب معي أصحابه إليه فقال عند ذلك يا غلام إياك إذا صحبت الأخيار أو حادثت الأبرار أن تغضبهم عليك فإن الله يغضب لغضبهم ويرضى لرضاهم وذلك أن الحكماء هم العلماء وهم الراضون عن الله عز وجل إذا سخط الناس وهم جلساء الله غدا بعد النبيين والصديقين
يا غلام احفظ عني واعقل واحتمل ولا تعجل فإن التأني معه الحلم والحياء وإن السفه معه الخرق والشؤم قال فسألت عيني وقلت والله
Halaman 38
ما حملني على مفارقة أبوي والخروج من مالي إلا حب الأثرة لله ومع ذلك الزهد في الدنيا والرغبة في جوار الله تعالى
فقال إياك والبخل قلت ما البخل فقال أما البخل عند أهل الدنيا فهو أن يكون الرجل بخيلا بماله وأما الذي عند أهل الآخرة فهو الذي يبخل بنفسه عن الله تعالى ألا وإن العبد إذا جاد بنفسه لله أورث قلبه الهدى والتقى وأعطى السكينة والوقار والعلم الكامل ومع ذلك تفتح له أبواب السماء فهو ينظر إلى أبوابها بقلبه كيف تفتح وإن كان في طريق الدنيا مطروحا
فقال له رجل من أصحابه اضربه فأوجعه فإنا نراه غلاما قد وفق لولاية الله تعالى قال فتعجب الشيخ من قول أصحابه قد وفق لولاية الله تعالى فقال لي يا غلام أما إنك ستصحب الأخيار فكن لهم أرضا يطأون عليك وإن ضربوك وشتموك وطردوك وأسمعوك القبيح فإذا فعلوا بك ذلك ففكر في نفسك من أين أتيت فإنك إذا فعلت ذلك يؤيدك الله بنصره ويقبل بقلوبهم عليك اعلم أن العبد إذا قلاه الأخيار واجتنب صحبته الورعون وأبغضه الزاهدون فإن ذلك استعتاب من الله تعالى لكي يعتبه فإن أعتب الله عز وجل أقبل بقلوبهم عليه وإن تمرد على الله أورث قلبه الضلالة مع حرمان الرزق وجفاء من الأهل ومقت من الملائكة وإعراض من الرسل بوجوههم ثم لم يبال في أي واد يهلكه
قال قلت إني صحبت وأنا ماش بين الكوفة الكوفة ومكة رجلا فرأيته إذا أمسى يصلي ركعتين فيهما تجاوز ثم يتكلم بكلام خفي بينه وبين نفسه فإذا جفنة من ثريد عن يمينه وكوز من ماء فكان يأكل ويطعمني قال فبكى الشيخ عند ذلك وبكى من حوله ثم قال يا بني أو يا أخي ذاك أخي داود ومسكنه من وراء بلخ بقرية يقال لها الباردة الطيبة وذلك أن البقاع تفاخرت بكينونة داود فيها يا غلام ما قال لك وما علمك
Halaman 39