ويوضح هَذَا أَن قَول النَّبِي ﷺ كل أَمر ذِي بَال الحَدِيث ذُو بَال وَشرف باذخ بِلَا مراء وَلم يرد قبله لفظ الْحَمد وَذَلِكَ مَحْمُول عَلَى أَن اللَّه تَعَالَى مَحْمُود عَلَى لِسَان نبيه ﷺ وَقَلبه فِي كل الْأَحْوَال وَهَذَا أَبُو عَبْد اللَّه البُخَارِيّ لم يسطر لفظ الْحَمد فِي مفتتح جَامعه وَلَيْسَ لأحد أَن يَقُول إِنَّه لم يحمد عِنْد ابْتِدَائه إِلَّا إِن ثَبت عِنْده أَنه لم يقل ذَلِك لَا لفظا وَلَا غير لفظ وانقلاب الْبَحْر زئبقا فِي نظر أولي النَّهْي أقرب من ثُبُوت ذَلِك فِي البُخَارِيّ والمزني
وَقد قَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر الْحَافِظ ﵀ فِي جَامعه إِنَّه رأى كثيرا من خطّ الإِمَام أَحْمَد ﵁ فِيهِ ذكر النَّبِي ﷺ وَلَيْسَت الصَّلَاة على النَّبِي ﷺ مَكْتُوبَة مَعَه قَالَ وَبَلغنِي أَنه كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ لفظا
والاعتذار عَن البُخَارِيّ والمزني بِمَا ذكرت أولى من الِاعْتِذَار عَنْهُمَا بِعَدَمِ صِحَة الحَدِيث عِنْدهمَا فَإِنَّهُ بِتَقْدِير تَسْلِيم أَنه لن يَصح يُقَال أَلَيْسَ هُوَ فِي فَضَائِل الْأَعْمَال وَعِنْدَهُمَا من الْوَرع مَا يحمل عَلَى اعْتِمَاده وَإِن لم يَصح
وثالثا إِن دعواكم عَلَى أبي إِبْرَاهِيم أَنه لم يبتدىء الْمُخْتَصر بتسطير الْحَمد لله مَمْنُوع بل للمختصر خطْبَة مَوْجُودَة فِي كثير من الْأُصُول الْقَدِيمَة حَكَاهَا الشَّيْخ أَبُو حَامِد والْمَاوَرْدِيّ وَهِي الْحَمد لله الَّذِي لَا شريك لَهُ وَلَا مثل الَّذِي هُوَ كَمَا وصف نَفسه وَفَوق مَا يصفه بِهِ خلقه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾
والمرضي عِنْدِي فِي الْجَواب جَوَاب رَابِع عَن البُخَارِيّ والمزني وَهُوَ أَن الْحَمد إِمَّا أَن يَعْنِي بِهِ مَا هُوَ أَعم مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ الذّكر أَو خصوصه وأيا مَا كَانَ فالمأمور بِهِ لفظ الذّكر أما عَلَى الأول فَوَاضِح وَأما عَلَى الثَّانِي فَلَمَّا قدمْنَاهُ من أَن رِوَايَة
1 / 22