لو لم يكن في الناس اليومَ أحد لا يعلم إلا علمه يومئذ لضُحك منه، ولو كان فيهم مَن له ذهنه ونفاذه، ونظر نظرَه؛ لكان أعلمَ الناس. قال ابن سلام: فقلت أنا ليونس: هل سمعت من ابن أبي إسحاق شيئًا؟ قال: نعم، قلتُ له: هل يقول أحدٌ "الصَّوِيق" يعني السويق؟ قال: نعم، عمرو بن تميم تقولها. وما تريد إلى هذا؟ عليك بباب من النحو يطّرد وينقاس.
قال: وكان ابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر يَطْعُنان على العرب. قال ابن أبي إسحاق للفرزدق في مديحه لأمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك -رضوان الله عليهما-:
مستقبلينَ شمالَ الشام - تضرِبُنا ... بحاصب كنديفِ القُطْن مَنْثُورِ
على عمائمنا يُلْقى، وأَرْحُلِنَا ... على زواحف تُزْجَى مُخُّهَا رِيرِ
أسأتَ، إنما هو "مُخُّهاريرُ"، وكذلك قياس النَّحو في هذا الموضع. قال يونس: والذي قال جائز حسن. فلما ألحُّوا على الفرزدق قال:
* على زواحفَ تُزجيها محاسيرُ *
فترك الناس هذا، ورجعوا إلى الأول.
وفي ابن أبي إسحاق يقول الفرزدق يهجوه:
فلو كان عبدُ الله مولًى هجوتُهُ ... ولكنَّ عبدَ الله مولَى مواليَا
1 / 32