- أ -
مقدّمة النّاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرمنا بكتابه المنزل، وشرفنا بنبيه المرسل، نحمده على ما أولانا من منه، وخصنا به من جزيل نعمه.
وصلى الله على سيدنا محمد نبي الرحمة، ومبلغ الحكمة، وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد:
فقد حظيت كتب الطبقات خلال العصور السابقة باهتمام كبير، نظرا لأهمية هذا النوع من الدراسة، والتي تلقي الأضواء على ترجمة مشاهير العلماء والباحثين والأدباء والمفسرين ووضعهم في إطار يتضمن كافة البارعين، والذين يسرّ الله لهم خدمة دينهم، وإنارة الطريق أمام مجتمعهم ...
وقد صنفت كتب كثيرة، في تاريخ البلدان، وتراجم من نشأ فيها، واستوطن بها، من الصحابة والتابعين.
كما صنفت الأسفار الحاوية على تراجم حفاظ الحديث ورواته، من عدول، وضعفاء، ومدلسين ووضاعين ... ونجد ذلك عند البخاري وغيره ...
أما علم التفسير فهو مفتاح الكنوز والذخائر التي احتواها القرآن الكريم، لاصلاح البشر، وإنقاذ الأمم، وإعلاء كلمة الله في الأرض. والمفسرون هم رواد هذا العلم ورجاله الذين يعوّل عليهم في تبيان الحق ونشره بين الناس.
فقد كان الاهتمام بتراجم رجاله، وتصنيف طبقاته، مبثوثا في ثنايا كتب الأدب والتاريخ، وكتب الطبقات الأخرى، إلى أن قيض الله لهذا الأمر الحافظ جلال الدين السيوطي- عبد الرحمن بن أبي بكر- الإمام الحافظ، المؤرخ، الأديب، الذي بلغت مصنفاته [٦٠٠] مصنف، توجّها بكتابه
مقدمة / 3
- ب -
(طبقات المفسرين) وقد بذل جهده أن يكون جامعا، يحدثنا عن المفسرين، والصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين. كما أورد فيه المفسرين المعتزلة، والشيعة ... ولكن هذا الكتاب لم يكتب له التمام ... حيث بلغ عدد التراجم فيه ١٣٦ ترجمة فقط. وهي لا تفي بحاجة العالم أو الباحث في هذا الموضوع الهام.
كما صنف في هذا الموضوع أيضا العلامة أحمد بن محمد الأدنه وي، حيث ذكر في مصنفه تراجم المفسرين وبعض أخبارهم، وأسماء مؤلفاتهم- ورتبهم طبقات- كل طبقة مائة سنة، بادئا بأصحاب الرسول ﷺ إلى من كانت وفاتهم بعد المائة العاشرة ... وتوجد منه نسخة في دار الكتب المصرية في ٦٣ ورقة برقم/ ١٨٥٩/. غير أن هذا المؤلف غير كاف أيضا ولا يفي بحاجة الباحث.
وأخيرا جاء العلامة الداوديّ وهو محمد بن أحمد،- شمس الدين- الداوديّ المالكي، شيخ أهل الحديث في عصره- مصري- من تلاميذ جلال الدين السيوطي. توفي بالقاهرة سنة (٩٤٥ هـ- ١٥٣٨ م) وله كتب كثيرة منها:
ذيل طبقات الشافعية للسبكي.
ترجمة الحافظ السيوطي- في مجلد ضخم.
الاتحاف بتمييز ما اتبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف.
وبين أيدينا الآن كتابه النفيس:
- طبقات المفسرين- جمع فيه بإسهاب تراجم أعلام المفسرين حتى أوائل القرن العاشر للهجرة، من كافة المصادر والمراجع التي توفرت لديه، ورتب كتابه هذا على حروف المعجم. وقد اعتمد المؤلف في هذا الكتاب على مصادر كثيرة منها:
«الطبقات الكبرى» لابن السبكي. و«طبقات المالكية» لابن فرحون.
مقدمة / 4
و«طبقات الحنفية» للقرشي. و«طبقات ابن قاضي شهبة». و«طبقات الحنابلة» لأبي يعلى، ولابن رجب. و«طبقات القراء للذهبي» و«الصلة» لابن بشكوال. و«طبقات الحفاظ» للذهبي. و«طبقات الحفاظ» للإمام جلال الدين السيوطي و«معجم» الشيخ برهان الدين البقاعي ... وغيرها من كتب التراجم والطبقات.
هذا وتوجد نسخة مخطوطة- بخط المؤلف- سنة ٩٤١ هـ وتحوي على [١٩٣] ورقة فيها من: «عمر» إلى آخر الكتاب، موجودة في مكتبة أسعد أفندي، ومحفوظة في معهد المخطوطات في جامعة الدول العربية برقم [٣٢٥].
وطبقات المفسرين هذا منقول بالنص عن الكتب التي ورد ذكرها آنفا، والتي استعان بها المؤلف في تصنيف الكتاب.
ولقد بذلنا جهدنا في تقديم هذا المصنف بشكل ييسر للقاري الكريم دراسته والانتفاع منه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الناشر
مقدمة / 5
طبقات المفسّرين تصنيف الحافظ شمس الدّين محمّد بن علي بن أحمد الدّاودي المتوفي سنة ٩٤٥ هـ راجع النسخة وضبط أعلامها لجنة من العلماء بإشراف الناشر الجزء الأوّل دار الكتب العلمية بيروت- لبنان
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
حرف الألف
من اسمه أبان
١ - أبان بن تغلب (١):
بفتح المثناة وسكون المعجمة وكسر اللام من أهل الكوفة، سمع فضيل ابن عمرو الفقيميّ، والأعمش، والحكم بن عتيبة.
روى عنه: شعبة، وإدريس الأودي، وسفيان بن عيينة، مات سنة إحدى وأربعين ومائة، وفيه تشيع مع ثقة.
صنف كتاب «معاني القرآن» لطيف، «القراءات» روى له: مسلم والأربعة.
من اسمه إبراهيم
٢ - إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم أبو إسحاق الجبنيانيّ البكري المالكيّ (٢).
_________
(١) له ترجمة في خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي ١٢، طبقات القراء لابن الجزري ١/ ٤، الفهرست للطوسي ٥، الفهرست لابن النديم ٢٢٠، مرآة الجنان لليافعي ١/ ٢٩٣، معجم الأدباء للحموي ١/ ٣٤، معجم المصنفين ٣/ ٢٤، ميزان الاعتدال للذهبي ١/ ٥.
(٢) له ترجمة في: ترتيب المدارك للقاضي عياض ٤/ ٤٩٧، الديباج المذهب لابن فرحون ٨٦.
1 / 3
من بكر بن وائل، أحد أئمة المسلمين، وأبدال أولياء الله تعالى الصالحين وقد جمع الفقيه أبو القاسم اللّبيديّ (١)، وأبو بكر المالكيّ من أخباره وسيره كثيرا، وكان سلفه من أهل الخطط بالقيروان، وكان من أعلم الناس باختلاف العلماء، عالما بعبارة الرؤيا، ويعرف حظا من اللغة والعربية، حسن القراءة للقرآن يحسن تفسيره، وإعرابه، وناسخه ومنسوخه، لم يترك حظه من دراسة العلم بالليل إلا عند ضعفه قبل موته بقليل، وكان لا يفتي إلا أن يسمع أحدا يتكلم بما لا يجوز فيرد عليه، أو يرى من يخطئ في صلاته، فيرد عليه، وكان أبو الحسن القابسي (٢) يقول: الجبنيانيّ إمام يقتدى به، وكان أبو محمد بن أبي زيد يعظم شأنه ويقول: طريق أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت، وكان أبو إسحاق قلما (٣) يتغير على أحد فيفلح، وكان إذا رئي ذكر الله تعالى من هيبته. قد جف جلده على عظمه، واسود لونه، كثير الصمت، قليل الكلام، فإذا تكلم نطق بالحكمة وكان قلما يترك ثلاث كلمات جامعة للخير، وهي: اتّبع ولا تبتدع، اتضع لا ترتفع، من ورع لم يقع، وكان له من الولد سبعة كلهم خير.
توفي ﵀ سنة تسع وستين وثلاثمائة (٤)، وسنه تسعون سنة، وما وجد له من الدنيا قليل ولا كثير غير أمداد شعير في قلة مكسورة.
_________
(١) في الأصل «البيكندي»، والصواب في اللباب ٣/ ٦٦، والديباج المذهب ٨٦، وهو: عبد الرحمن أبو القاسم بن محمد الحضرمي المعروف باللبيدي، ولبيدة من قرى الساحل. من مشاهير علماء إفريقية ومؤلفيها. سمع الشيخ أبا إسحاق الجبنياني وانتفع به وألف أخباره وفضائله. توفي بالقيروان سنة ٤٤٠ هـ (الديباج المذهب ١٥٢).
(٢) بفتح القاف وسكون الألف وكسر الباء بعدها سين مهملة. نسبة الى: قابس، مدينة بإفريقية (اللباب ٢/ ٢٣٤).
(٣) في الأصل: «كالا» والصواب في: ترتيب المدارك للقاضي عياض، والديباج المذهب.
(٤) كذا في الأصل، وهو يوافق ما في الديباج المذهب لابن فرحون، وفي ترتيب المدارك، أن وفاته سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. وفيه أنه دفن بشرق جبنيانة.
1 / 4
٣ - إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد أبو طاهر السّلماسي الواعظ (١).
كان علامة في علم الأدب، والتفسير، والحديث، ومعرفة الأسانيد والمتون وأوحد عصره في علم الوعظ والتذكير، أدرك جماعة من الأئمة، وكان من الورع والصدق بمكان. روى عن أبي القاسم بن عليّك النّيسابوريّ، وعنه هبة الله بن السّقطيّ.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. ومات بخويّ (٢) سنة ست وتسعين وأربعمائة، وسلماس بفتحات، مدينة بأذربيجان.
٤ - إبراهيم بن أحمد بن محمد بن معالي بن محمد عبد الكريم الرّقيّ، الحنبلي الزاهد العالم، القدوة الربانيّ أبو إسحاق (٣).
ولد سنة سبع وأربعين وستمائة- تقريبا- بالرّقة وقرأ ببغداد بالروايات العشر على يوسف بن جامع القفصي (٤) وسمع بها الحديث بعد الستين من الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وصحبه.
قال الشيخ الذهبي: وعني بتفسير القرآن، وبالفقه، وتقدم في علم الطب وشارك في علوم الإسلام، وبلغ في التذكير، وله المواعظ المحركة إلى الله، والنظم العذب، والعناية بالآثار النبوية، والتصانيف النافعة، وحسن التربية مع الزهد والقناعة باليسير في المطعم والملبس. وقال أيضا: كان إماما زاهدا، عارفا قدوة أهل زمانه.
_________
(١) له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي ٣، طبقات المفسرين للأدنةوي، ميكروفيلم بدار الكتب المصرية رقم ٣٤٩٦، ورقة ٣٧ أ.
(٢) بضم الخاء المعجمة وفتح الواو ثم ياء مشددة، بلد مشهور من أعمال أذربيجان (معجم البلدان لياقوت ٢/ ٥٠٢).
(٣) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير ١٤/ ٢٩، الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ١٥، الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب ٢/ ٣٤٩.
(٤) بضم القاف وسكون الفاء بعدها صاد مهملة، نسبة إلى القفص وهي: قرية على دجلة فوق بغداد بقريب (اللباب ٢/ ٢٧٦).
1 / 5
له التصانيف الكثيرة في الوعظ والطريق إلى الله تعالى، والآثار والخطب. وله النظم الرائق، يستحق أن تطوى إلى لقيه مراحل. وكان كلمة إجماع. وربما حضر السماع وتواجد، وله اعتقاد في سليمان الكلاب- يعني رجلا كان يخالط الكلاب، ولا يصلي- وله يد طولى في علوم كثيرة، ولقد كتب شيخنا كمال الدين- يعني ابن الزملكاني- في شأنه وبالغ، وأحسن ترجمته.
وقال البرزالي: كان رجلا صالحا، عالما، كثير الخير، قاصدا للنفع، كبير القدر، زاهدا في الدنيا، صابرا على مرّ العيش، عظيم السكون، ملازما للخشوع والانقطاع، قائما بعياله، وكان عارفا بالتفسير والحديث والفقه والأصلين، وغير ذلك. ورزقه الله حسن العبارة، وسرعة الجواب. وله خطب حسنة، وأشعار في الزهد، ومواعظ ومجموعات.
قال الحافظ زين الدين بن رجب في طبقات الحنابلة: صنف كثيرا في الرقائق والمواعظ. واختصر جملة من كتب الزهد، وصنف «تفسيرا للقرآن»، ولا أعلم هل أكمله أم لا. وسمع منه البرزاليّ، والذهبي، وغيرهما. وكان يسكن بأهله في أسفل المأذنة الشرقية بالجامع.
وهناك: توفي ليلة الجمعة خامس عشر محرم سنة ثلاث وسبعمائة. وصلي عليه عقب الجمعة بالجامع، وحمل على الأعناق والرءوس إلى سفح قاسيون، فدفن بتربة الشيخ [أبي (١)] عمر. وتأسف المسلمون عليه رحمه الله تعالى.
_________
(١) تكملة عن: والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب.
1 / 6
٥ - إبراهيم بن إسحاق الحربيّ (١).
إمام فاضل، له تصانيف كثيرة، منها «غريب الحديث» و«ناسخ القرآن ومنسوخه»، وغيرهما.
ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، وتوفي في ذي الحجة سنة خمس وثمانين ومائتين (٢).
٦ - إبراهيم بن إسحاق أبي زرد، أبو إسحاق الطّليطلي (٣).
كان فاضلا خيرا عابدا حافظا للتفسير، رحل إلى المشرق وسمع بها.
وشهد جنازة النّسائيّ العابد بالقيروان، وحدث. توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
٧ - إبراهيم بن إسحاق النّيسابوريّ الأنماطيّ الحافظ (٤).
مصنّف «التفسير الكبير»، من كبار الرحالة، سمع إسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة، وعبد الله بن الرّمّاح، ومحمد بن حميد الرازي ولوينا، وهارون الحمّال، وطبقتهم.
_________
(١) له ترجمة في: أنباه الرواة للقفطي ١/ ١٥٥، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦/ ٢٧، تذكرة الحفاظ للذهبي ٢/ ٥٨٤، صفوة الصفوة لابن الجوزي ٢/ ٢٢٨، طبقات الحنابلة ١/ ٨٦، طبقات الشافعية للسبكي ٢/ ٢٥٦، العبر ٢/ ٧٤، الفهرست لابن النديم ٢٣١، فوات الوفيات لابن شاكر ١/ ٥، مرآة الجنان لليافعي ٢/ ٢٠٩، معجم الأدباء لياقوت ١/ ٣٧، المنتظم ٦/ ٣، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ٣/ ١١٦، نزهة الباء ٣١٣. والحربي نسبة الى الحربية، محلة بغربي بغداد.
(٢) في الأصل: ولد سنة ٢٩٨، وتوفي سنة ٣٨٥، خطأ، والصواب في: مصادر الترجمة.
(٣) له ترجمة في: الصلة لابن بشكوال ١/ ٨٧، المقفى، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم ٥١٠ تاريخ. ورقة ١٩ ب.
(٤) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي ٧٠١، العبر للذهبي ٢/ ١٢٥.
1 / 7
حدث عنه ابن الشّرقيّ (١)، وأبو عبد الله بن الأخرم، ويحيى بن محمد العنبري وآخرون، توفي سنة ثلاث وثلاثمائة.
٨ - إبراهيم بن حسين بن خالد أبو إسحاق القرطبي (٢).
وهو ابن عم عبد الله بن مرتيل يكنى أبا إسحاق، كان خيرا فقيها عالما بالتفسير، رحل إلى المشرق، ولقي علي بن معبد، وعبد الملك بن هشام صاحب الشواهد، ومطرف بن عبد الله، صاحب مالك بن أنس، ولقي سحنونا وروى عنه، وألف «تفسيرا للقرآن» وولي الشرطة للأمير محمد بن عبد الرحمن بالأندلس، وكان فهما ذكيّا بصيرا بطريق الحجة، كان يناظر يحيى بن مزين ويحيى بن يحيى، وكان صلبا في حكمه عدلا، ناظر سحنونا في الشاة إذا بقر السبع بطنها أنها تذكى وتؤكل وإن لم ترج لها حياة، وحاجّه في ذلك فظهر عليه، وأعجب ابن لبابة ذلك، وحكى أنه مذهب إسماعيل القاضي، واجتمع مرة في جنازة هو ويحيى فسأل يحيى عن النكاح بالأجرة، فقال: لا يجوز فقال له إبراهيم: فقد «جاء» (٣) في القرآن عن نبيين كريمين موسى وشعيب، إجازة ذلك. فقال يحيى قال الله تعالى:
(لكلّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجا (٤» فقال إبراهيم: هذا إذا شرع لنا في
_________
(١) في الأصل «ابن السرفي» تحريف، صوابه في: تذكرة الحفاظ والباب.
وهو: أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي النيسابوري الحافظ، تلميذ مسلم ابن الحجاج، ولد سنة ٢٤٠ هـ، وتوفي سنة ١٢٥ هـ. (تذكرة الحفاظ للذهبي ٣/ ٨٢١).
والشرقي: بفتح الشين المعجمة وسكون الراء وفي آخرها قاف، نسبة الى الجانب الشرقي من نيسابور (الباب لابن الأثير).
(٢) له ترجمة في: ترتيب المدارك للقاضي عياض ٣/ ١٣٦، وبغية الملتمس للضبي ٢٠١ وجذوة المقتبس للحميدي ١٤٥، الديباج المذهب لابن فرحون ٨٤، معجم المصنفين لكحالة ٣/ ١١٠، المقفى ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم ٥١٠ تاريخ ورقة ٢٩ أ.
(٣) تكملة عن: المقفى.
(٤) سورة المائدة: ٤٨.
1 / 8
القرآن شرع آخر، وأما ما ذكر في القرآن ولم يشرع لنا خلافة، فقد أمر نبينا ﷺ أن نقتدي بهدي من ذكر من الأنبياء، فكيف وقد وجاء عن نبينا ﷺ موافقة موسى وشعيب، فسكت يحيى ولزمته الحجة. وحكى إبراهيم عن مطرف بن عبد الله ليس في الكرسفّة زكاة، وكان يذهب إلى النظر وترك التقليد. توفي في شهر رمضان سنة تسع وأربعين ومائتين.
٩ - إبراهيم بن خالد أبو ثور ................ ............ (١)
له «كتاب أحكام القرآن» ................ ................ .... (٢)
١٠ - إبراهيم بن السّريّ بن سهل أبو إسحاق الزّجاج (٣).
قال الخطيب: كان من أهل الفضل والدّين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب. كان يخرط الزّجاج، ثم مال إلى النّحو، فلزم المبرّد، وكان يعلّم بالأجرة، قال: فقال ما صنعتك؟ قلت: أخرط الزّجاج، وكسبي كلّ يوم درهم [ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي، وأنا أعطيك كل يوم
_________
(١) بياض في الأصل، وذكره ابن النديم تحت عنوان الكتب المؤلفة في أحكام القرآن ولم يزد على ذلك.
وأبو ثور، هو: إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الفقيه أحد الأعلام تفقه بالشافعي.
وسمع من ابن عيينة وغيره، وبرع في العلم ولم يقلد أحدا توفي سنة ٢٤٠ هـ (العبر للذهبي ١/ ٤٣١).
(٢) بياض في الأصل، وذكره ابن النديم تحت عنوان الكتب المؤلفة في أحكام القرآن ولم يزد على ذلك.
وأبو ثور، هو: إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الفقيه أحد الأعلام تفقه بالشافعي.
وسمع من ابن عيينة وغيره، وبرع في العلم ولم يقلد أحدا توفي سنة ٢٤٠ هـ (العبر للذهبي ١/ ٤٣١).
(٣) له ترجمة في: أنباه الرواة (للقفطي) ١/ ١٥٩، الأنساب للسمعاني الورقة ١٧٢ أ، البداية والنهاية لابن كثير ١١/ ١٤٨، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦/ ٨٩، العبر للذهبي ٢/ ١٤٨، الفهرست لابن النديم ٦٠، اللباب ١/ ٣٩٧، مرآة الجنان لليافعي ٢/ ٢٦٢، معجم الأدباء لياقوت ١/ ٤٧، مفتاح السعادة ١/ ١٦٣، المنتظم ٦/ ١٧٦، النجوم الزاهرة ٣/ ٢٠٨، نزهة الألباء ٢٤٤، وفيات الأعيان لابن خلكان ١/ ٣١١.
وفي حواشي أنباه الرواة، ونزهة الألباء مراجع أخرى لترجمة الزجاج.
1 / 9
درهما (١)] وأشرط لك أن أعطيك إياه أبدا حتى يفرق الموت بيننا. قال:
فلزمته، وكنت أخدمه في أموره مع ذلك، فنصحني في العلم؛ حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بني مارقة (٢)، يلتمسون معلّما نحويا لأولادهم. فقلت له: أسمني لهم، فأسماني، فخرجت فكنت أعلّمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما، وأنفّله ما أقدر عليه فطلب منه عبيد الله بن سليمان مؤدّبا لابنه القاسم، فقال له: لا أعرف لك إلا رجلا زجّاجا عند بني فلان، فكتب إليهم عبيد الله، فاستنزلهم عنّي وأحضرت، وأسلم القاسم إليّ، وكنت أعطى المبرّد [الدرهم] (٣) كل يوم إلى أن مات، ولا أخليه من التفقّد، وكنت أقول للقاسم: إن بلغت مبلغ أبيك ووليت الوزارة ما تصنع بي؟ فيقول لي: ما أحببت، فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار- وكانت غاية أمنيتي- فما مضت إلا سنون حتى ولي القاسم الوزارة، وأنا على ملازمتي له، وصرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد، ثم هبته، فلما كان في اليوم الثالث من وزارته، قال لي: يا أبا إسحاق لم أرك أذكرتني بالنّذر! فقلت: عولت على رعاية الوزير أيّده الله، وأنه لا يحتاج إلى إذكار بنذر عليه في أمر خادم واجب الحق، فقال لي: إنه المعتضد ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك دفعة، ولكني أخاف أن يصير لي معه حديث؛ فاسمح بأخذه متفرّقا. فقلت: أفعل. فقال: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار، واستجعل (٤) عليها، ولا تمتنع من مسألتي في شيء إلى أن يحصل لك القدر. قال: ففعلت ذلك، وكنت أعرض عليه كلّ يوم رقاعا فيوقّع لي فيها، وربما قال لي: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا،
_________
(١) تكملة عن تاريخ بغداد.
(٢) كذا في الأصل، وهو يوافق ما في: معجم الأدباء، وفي تاريخ بغداد، وأنباه الرواة «بني مارمة».
(٣) تكملة عن: تاريخ بغداد.
(٤) استجعل: اطلب جعالة، وهي أجرة العمل.
1 / 10
فيقول لي: غبنت، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستردّ، فأراجع القوم وأماكسهم فيزيدونني، حتى أبلغ الحد الذي رسمه، فحصلت عشرين ألف دينار وأكثر في مديدة، فقال لي بعد شهور: حصل مال النذر؟ فقلت: لا، وجعل يسألني في كل شهر: هل حصل؟ فأقول [لا] (١) خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن سألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل ببركة الوزير فقال: فرّجت والله عني فقد كنت مشغول القلب؛ ثم وقّع لي بثلاثة آلاف دينار صلة، فأخذتها، فلما كان من الغد جئته، ولم أعرض عليه شيئا، فقال: هات ما معك، فقلت: ما أخذت من أحد رقعة، لأن النذر وقع الوفاء به، ولم أدر كيف أقع [من] (٢) الوزير، فقال:
سبحان الله! أتراني أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة، وعرفك به الناس، وصال لك به عندهم علم وجاه، ولا يعلم سبب انقطاعه، فيظنوا أن ذلك لضعف جاهك عندي، أعرض علي وخذ بلا حساب. فقبلت يده، وكنت أعرض عليه الرقاع إلى أن مات.
وكان بين الزجاج ورجل من أهل العلم يسمى مسيند (٣) شر، فاتصل حتى خرج الزجاج إلى حد الشتم؛ فكتب إليه مسيند:
أبى الزّجّاج إلا شتم عرضي ... لينفعه، فآثمه وضرّه
وأقسم صادقا. ما كان حرّ ... ليطلق لفظه في شتم حره
ولو أني كررت لفرّ مني ... ولكن للمنون على كرّه
فأصبح قد وقاه الله شري ... ليوم لا وقاه الله شرّه
فلما اتصل الشعر بالزجاج قصده راجلا، واعتذر إليه، وسأله الصفح.
_________
(١) تكملة عن: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
(٢) تكملة عن: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
(٣) كذا في الأصل، وهو يوافق ما في بغية الوعاة. وفي تاريخ بغداد وأنباه الرواة «مسينة».
1 / 11
أخذ الزجاج عن المبرد كما تقدم، وعن ثعلب أيضا، وعنه علي بن عبد الله ابن المغيرة الجوهري وغيره.
وله من التصانيف: «معاني القرآن»، «الاشتقاق»، «خلق الإنسان» «فعلت وأفعلت»، «مختصر النحو»، «خلق الفرس»، «شرح أبيات سيبويه» «العروض»، «النوادر»، «تفسير جامع النطق»، «الفرق»، «ما ينصرف وما لا ينصرف»، وغير ذلك، مات ببغداد في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وسئل عن سنه عند الوفاة فعقد سبعين.
وآخر ما سمع منه: اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل.
١١ - إبراهيم بن طهمان الهرويّ أبو سعيد (١).
سكن بنيسابور، ثم سكن مكة، سمع محمد بن زياد، ويونس بن عبيد، وأبا ضمرة، وحسينا المعلم، وحجاج بن حجاج، وأبا الحصين، وأبا الزبير، وسماكا.
روي عنه أبو عامر العقديّ، ومعن، وعبد الله بن المبارك، وحفص بن عبد الله ويحيى بن الضريس، ويحيى بن سابق، ويحيى بن أبي بكير (٢).
ثقة، يغرب، وتكلّم فيه للإرجاء، ويقال: رجع عنه، مات سنة بضع وستين ومائة، أخرج له الأئمة الستة.
_________
(١) ترجم له في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦/ ١٠٥، تذكرة الحفاظ للذهبي ١/ ٢١٣، تهذيب التهذيب لابن العماد الحنبلي ١/ ١٢٩، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي ١٨، العبر للذهبي ١/ ١٤١، الفهرست لابن النديم ٢٨٨، ميزان الاعتدال للذهبي ١/ ٣٨.
(٢) في الأصل «ابن أبي بكر» تحريف، صوابه في: تاريخ بغداد، وتذكرة الحفاظ.
وهو: يحيى بن أبي بكير، أبو زكريا الكوفي، حدث عن شعبة، وإبراهيم ابن طهمان.
(تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٤/ ١٥٥.
1 / 12
صنف: «التفسير» و«السنن» و«المناقب»، و«العيدين».
١٢ - إبراهيم بن عبد الله بن علي بن يحيى بن خلف المقرئ النحوي برهان الدين الحكري (١).
كان إماما في القراءات، نحويا مفسرا، يضرب به المثل في حسن التلاوة أخذ العربية عن البهاء بن النحّاس، وتلا على التقي الصائغ، وابن الكفتي ولازم درس أبي حيان، وأخذ عنه الناس. وكان حسن التعليم، وسمع الحديث من الدمياطي، والأبرقوهي.
مولده سنة نيف وسبعين وستمائة، ومات في الطاعون العام في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
١٣ - إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن باغر (٢) بن كش الكجي الكشي (٣).
بنى دارا بالبصرة بالكجة (٤) فقيل له: الكجي، لإكثاره ذكره والكشّي [نسبة] (٥) إلى جده كش المذكور له «ناسخ» القرآن ومنسوخه».
١٤ - إبراهيم بن عبد الرحيم بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة (٦) بن حازم بن صخر الكتاني الحموي الأصل ثم المقدسي، قاضي
_________
(١) له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي ١/ ٥٠٩، الدرر الكامنة ١/ ٣٠، طبقات القراء لابن الجزري ١/ ١٧، المقفى، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم ٥١٠ تاريخ.
(٢) في تذكرة الحفاظ «ابن ماعز».
(٣) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي ٢/ ٦٢٠، العبر للذهبي ٢/ ٩٢، الباب ٣/ ٢٩، مختصر دول الإسلام ١/ ١٣٩، مرآة الجنان لليافعي ٢/ ٢٢٠.
(٤) الكج: أولى، وفي اللباب: الكجي، نسبة الى: الكج، وهو الجص.
(٥) تكملة عن اللباب.
(٦) له ترجمة في: الأنس الجليل لمحيي الدين الحنبلي ٢/ ٢٠٧، الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ٢٦، رفع الاصر لابن حجر ١/ ٢٩، السلوك للمقريزي جزء ٣ قسم ٢/ ٥٨٦، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة ٩٨ ب، قضاة دمشق لابن طولون ١١٢، معجم المصنفين ٣/ ١٩٢، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ١١/ ٢١٤، نزهة النفوس والأبدان لابن الصيرفي ١/ ١٧٩.
1 / 13
القضاة، خطيب الخطباء، شيخ الشيوخ، كبير طائفة الفقهاء الشافعية، وبقية رؤساء الزمان برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الخطيب زين الدين أبي محمد [بن (١)] قاضي القضاة [أبي (٢)] عبد الله [بن (٣)] الشيخ القدوة برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم [بن سعد الله (٤)] بن جماعة المصري المولد، الدمشقي الوفاة، قاضي قضاة مصر والشام.
ولد في منتصف ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وقدم دمشق صغيرا فنشأ عند أقاربه بالمزة وحضر على جده، وسمع على أبيه وعمه، وطلب الحديث بنفسه في حدود الأربعين، وسمع من شيوخ مصر كيحيى المصري، ويوسف الدلاصي «الشّفاء» (٥) وغيره، وأبي نعيم الأسعردي، والميدومي، وطبقتهم ورحل إلى دمشق، وسمع من زينب بنت الكمال، ولازم المزّي والذهبي فأكثر عنهما، وولى خطابة القدس عن والده. ثم أضيف إليه تدريس الصلاحية بعد وفاة الحافظ صلاح الدين العلائي، وولي نظر القدس والخليل، ثم استدعي لقضاء الديار المصرية فوليه بعفة ونزاهة وحرمة، ذكره الذهبي في المعجم المختصّ وقال فيه: الإمام الفقيه المحدث المفيد. أحد من طلب وعني بتحصيل الأجزاء، وقرأ وتميّز وهو في ازدياد من الفضائل، ولي خطابة القدس بعد والده، وسمع من جده، ويحيى المصري، وعلي بن عمر الواني، وبدمشق من ابن تمام، والمزي وقرأ عليه كثيرا، وسمع من المجد بن فضل الله، وأجاز له أبو العباس الحجّار وجماعة.
وقال في الدرر الكامنة: كان محببا إلى الناس، وإليه انتهت رئاسة العلماء في زمانه ولم يكن أحد يدانيه في سعة الصدر وكثرة البذل وقيام
_________
(١) تكملة عن قضاة دمشق، وبها تستقيم الترجمة.
(٢) تكملة عن قضاة دمشق، وبها تستقيم الترجمة.
(٣) تكملة عن قضاة دمشق، وبها تستقيم الترجمة.
(٤) تكملة عن قضاة دمشق، وبها تستقيم الترجمة.
(٥) للقاضي عياض.
1 / 14
الحرمة والصدع بالحق وقمع الفساد مع المشاركة الجيدة في العلوم واقتنى من الكتب النفيسة بخطوط مصنفيها وغيرهم ما لم يتهيأ لغيره (١).
وقال ابن قاضي شهبة: وقفت له على مجاميع وفوائد، وجمع تفسيرا في عشر مجلدات بخطه. وفيه غرائب وفوائد. توفي ليلة الجمعة ثامن عشر شعبان سنة تسعين وسبعمائة ببستانه بالمزة ودفن بتربة أقاربه بني الرحبي عن خمس وستين سنة وأربعة أشهر ويومين (٢).
قال في الإنباء: وكان قوالا بالحق، معظما لحرمات الشرع، محبّا في السنة وأهلها، لم يأت بعده له نظير ولا قريب من طريقته. وخلف من الكتب النفيسة ما يعز اجتماع مثله لغيره، لأنه كان مغرما بها، وكان يشتري النسخة من الكتاب التي إليها المنتهى في الحسن، ثم يقع له ذلك الكتاب بخط مصنفه فيشتريه ولا يترك الأول، إلى أن اقتنى بخطوط المصنفين ما لا يعبر عنه كثرة، ثم صار أكثرها لجمال الدين محمود الأستادار بمدرسته (٣) بالموازنيين، وانتفع بها الطلبة إلى هذا الوقت (٤).
١٥ - إبراهيم بن علي بن الحسين الإمام أبو إسحاق الشّيبانيّ الطبريّ الشافعي (٥).
_________
(١) الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ٣٩.
(٢) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة، ورقة ٩٩ أ.
(٣) المدرسة المحمودية بخط الموازنيين خارج باب زويلة، أنشأها الأمير جمال الدين محمود بن علي الأستادار في سنة ٧٩٧ ورتب بها درسا، وعمل بها خزانة كتب لا يعرف في وقتها بديار مصر ولا الشام مثلها، وكان لا يخرج لأحد منها كتاب الا أن يكون في المدرسة (خطط المقريزي ٢/ ٣٩٤).
(٤) انباء الغمر لابن حجر ١/ ٣٥٥.
(٥) له ترجمة في طبقات الشافعية للسبكي ٧/ ٣٤، طبقات المفسرين للسيوطي ٣، معجم المصنفين ٣/ ٢٥٩.
1 / 15
إمام في المذهب، والفرائض، والتفسير، له تصانيف مفيدة، ولي قضاء مكة، وحدث عن أبي علي الحدّاد، روى عنه الصائن بن عساكر. مات في رجب سنة ثلاث وعشرين
وخمسمائة، وله إحدى وأربعون سنة.
١٦ - إبراهيم بن علي بن عمر برهان الدين بن الفهّاد القوصي الشافعي (١).
كان فقيها نحويا، يعرف الحديث والتفسير والأصول، ولي قضاء دمامين فسار في الأحكام أحسن سيرة، وسلك فيها ما يرضي عالم العلانية والسريرة، وكان قليل الرزق لا يجد في كثير من الأوقات القوت، ويقنع في ملبسه بما يجد من غير تكلف مع ملازمة التقوى والورع الشديد والانجماع عن الناس وقلة الكلام والقوة في ذات الله، وقدم القاهرة ومات بقوص في تاسع عشر شوال سنة خمس عشرة وسبعمائة.
١٧ - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عليب أبو إسحاق الطائي (٢).
من أهل قيجاطة من الأندلس، رحل فحج صغيرا وعاد، صحب الشيخ أبا إسحاق بن الحاج ولازمه، فظهرت بركته عليه، وسمع الحديث من جماعة من أهل الأندلس، وعرف القراءات، وأقرأ ببلده جماعة، وكان عارفا بها وبالعربية صالحا عالما له دراية.
ألّف «أربعين حديثا» و«كتابا في الأدعية» و«اختصر تفسير أبي محمد بن عطية» وكان جليلا في دينه وحاله. توفي عن نحو خمس وأربعين سنة في عشرين وستمائة.
_________
(١) له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ٤٧، الطالع السعيد للأدفوي ٦١.
(٢) له ترجمة في: المقفى للمقريزي، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم ٥١٠ تاريخ، ورقة ٥٤ ب.
1 / 16
١٨ - إبراهيم بن فائد بن موسى بن عمر بن سعيد بن علّال بن سعيد النبروني الزواوي النجار القسنطيني الدار المالكي (١).
ولد في سنة ست وتسعين وسبعمائة في جبل جرجرا، ثم انتقل إلى بجاية فقرأ بها القرآن- ظنا- واشتغل بها في الفقه على أبي الحسن علي بن عثمان، ثم رحل إلى تونس فأخذ الفقه أيضا وكذا التفسير عن القاضي أبي عبد الله القلشانيّ والفقه وحده عن يعقوب الزعبي، والأصول عن عبد الواحد الفرّياني (٢) ثم رجع إلى جبال بجاية، فأخذ العربية عن الأستاذ عبد العال ابن فراج، ثم انتقل إلى قسنطينة فقطنها وأخذ بها الأصلين والمنطق عن حافظ المذهب أبي زيد عبد الرحمن الملقب بالباز. والمعاني والبيان عن [أبي] (٣) عبد الله اللبسّيّ (٤) الحكمي الأندلسي ورد عليهم حاجا، والأصلين والمنطق والمعاني والبيان مع الفقه وغالب العلوم المتداولة، عن أبي عبد الله بن مرزوق عالم المغرب، قدم عليهم قسنطينة ولم ينفك عن الاشتغال والأشغال حتى برع في هذه الفنون لا سيما الفقه وعمل «تفسيرا» و«شرح ألفية ابن مالك» في مجلد، و«تلخيص المفتاح» في مجلد أيضا وسماه «تلخيص التلخيص» و«مختصر الشيخ خليل» في ثلاث مجلدات، سماه «تسهيل السبيل في مختصر الشيخ خليل» وكذا في آخر إن كمل كان في مجلدين، سماه «فيض النيل» وحج مرارا، وتلا لنافع، على: الزين بن عياش، بل حضر مجلس ابن الجزري في سنة ثمان وعشرين، وممن أخذ عنه الشهاب بن يونس، وكان عليه سمت الزهاد وسكونهم. مات في سنة سبع وخمسين وثمانمائة.
_________
(١) له ترجمة في: الضوء اللامع ١/ ١١٦، نيل الابتهاج ٥٢.
(٢) بضم أوله وتشديد ثانيه مع كسره ثم تحتانية ونون، نسبة لفريانة احدى مدائن إفريقية (الضوء اللامع للسحاوي ١١/ ٢١٨).
(٣) تكملة عن الضوء اللامع.
(٤) اللبسّيّ: بفتح اللام المشددة والموحدة وتشديد المهملة المكسورة نسبة الى لبسة، حصن من معاملة وادي آش (الضوء اللامع ١٠/ ٢٦).
1 / 17
١٩ - إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن مسعود بن رضوان المري [بالمهملة] (١) القدسي الشافعي قاضي القضاة برهان الدين بن أبي شريف (٢).
ولد في ليلة الثلاثاء ثامن عشر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وثمانمائة ببيت المقدس، فحفظ القرآن المجيد وهو ابن سبع، وتلاه تجويدا لابن كثير، وأبي عمرو، على الشيخ شمس الدين بن عمران، ودأب في العلم، فأخذ عن الأشياخ كالجلال المحليّ والعلم البلقينيّ، والزين الأبوتيجيّ، والأمين الأقصرائيّ (٣) والسعد الدّيريّ، والشهاب الإبشيطيّ (٤)، وأخيه الكمال، ومعظم انتفاعه به.
وسمع الحديث على التقي القلقشنديّ، والزين ماهر، وغيرهما. وأجاز له باستدعاء أخيه جماعة، منهم الحافظ ابن حجر، وبرع في الفنون، وتصدى للإقراء والإفتاء، وشرح «الحاوي» مزجا في مجلدين، وكذا «المنهاج الفقهي» و«قواعد ابن هشام» و«عقائد ابن دقيق العيد» و«التحفة القدسية في الفرائض» نظم ابن الهائم، و«قطعة من البهجة» و«ونظم
_________
(١) تكملة عن: الضوء اللامع للسحاوي، وعنوان الزمان للبقاعي.
(٢) له ترجمة في: البدر الطالع للشوكاني ١/ ٢٦، الضوء اللامع للسحاوي ١/ ١٣٤، عنوان الزمان للبقاعي ١/ ٣٩٦، الكواكب السائرة للغزي ١/ ١٠٢، معجم المصنفين ٤/ ٤١٩، نظم العقيان للسيوطي ٢٦.
(٣) يحيى بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الأمين أبو زكريا الأقصرائي نسبة لأقصرا، احدى مدن الروم، القاهري الحنفي المعروف بالأقصرائي ولد سنة ٧٩٧ هـ وتوفي سنة ٨٨٠ هـ. (الضوء اللامع ١٠/ ٢٣٠).
(٤) نسبة لإبشيط، بكسر الهمزة ثم موحدة ساكنة بعدها معجمة ثم تحتانية وطاء مهملة قرية من قرى المحلة من الغربية.
والأبشيطي هو: أحمد بن اسماعيل بن أبي بكر بن عمر الشافعي ولد سنة ٨٠٢ هـ.
من تصانيفه ناسخ القرآن ومنسوخه. توفي سنة ٨٨٣ هـ (الضوء اللامع للسحاوي ١/ ٢٣٥).)
1 / 18