============================================================
ولقد سمعت بالنقل المتواتر أنه اجتمع هو وأخ له اسمه علي في مجلس فيه جماعة من الناس، فتذاكروا نعم الله تعالى، إذ نزلت عليهم من السماء ورقة خضراء مكتوب فيها: هذه براءة من الله تعالى لعمر وعلي ابني غليس من النار. وذكرهما الفقيه الحبيشي في كتابه الاعتبار وقال: يقال أن أحدهما هلل يوم ولد، وشك الراوي أنه عمر أو علي بعد أن أثنى عليهما كثيرا بنحو كلام الجندي، وكان أخوه علي المذكور فقيها عالما كثير الحج، وجاور بمكة وبالمدينة وببيت المقدس مدة، وكان بينه وبين ابن أبي الصيف صحبة ومؤاخاة، وكانت له دنيا واسعة ابتنى ثلات مدارس بجهة أصاب، ووقف عليها هو وأخوه وقفا كثيرا وجمع كتبا كثيرة وأوقفها أيضا، قال الجندي: وكان مسكنهما موضع يعرف بالهجر بفتح الهاء والجيم ثم راء، وهو على قرب من جبل العنين، وهما هنالك وقف جيد على إطعام الطعام قال: وهو الآن بيد ذريتهم يفعلون منه ما استطاعوا، وذكر آن وفاة علي كانت لبضع عشرة وستمائة، ولم يذكر وفاة عمر رحمهما الله تعالى ونفع بهما وبسائر عبادالله الصالحين، ورأيت في كتاب رسالة الشيخ صفي الدين بن أبي المنصور التي ذكر فيها من لقي من الأولياء، فذكر فيها الشيخ علي بن غليس، وقال: كان عظيم الشان، كان مرة ببيت المقدس فرأى نورا ممتدا من السماء إلى قبة هنالك في مسجد، فجاء إلى القبة فوجد فيها امرأة من الأولياء والنور متصل بها، قال: وكانت هذه المرأة مشهورة بالولاية، وكان الأولياء يعظمونها، قال: فلما رآها الشيخ علي بن غليس على هذه الحالة، طلب منها الأخوة فاخته، فلما سافر الشيخ علي ترك عندها إبريقا من الخزف وقال ها: احتفظي به، قالت: فرضعته في موضع عندي، فكان ذات يوم إذا به انحل وصار شقافا من غير حركة ولا شيء كسره، قالت: فعجبت من ذلك ثم جمعته وحفظته وأرخت ذلك اليوم، ثم بعد أيسام جاء الخبر بأن الشييخ علي بن غليس توفي تلك الساعة بمدينة دمشق وهاتان كرامتان عظيمتان للشيخ علي المذكور الأولى: رؤيته للنور الذي من السماء والثانية، جعله هذا الابريق علامة لموته.
وأما الجندي فلم يعين آنه توفي بدمشق ولا غيرها رحمه الله تعالى ونفع به 240
Halaman 240