151

============================================================

الآخر، فقال المصروع: آه آه، اسقني، فأبى أن يسقيه، فقلت له: يا هذا اسقه، فقال: لا أسقيه، فقلت للمصروع: من أنت؟ فقال أنا أبو جعفر الريي، فقلت له: أليس الريي قد مات منذ سنين؟ فقال: نعم، هو أنا كنت واليا على قومي، وكنت عاصيا، فلما مت وكل الله بي ملكين يسوقاني من المشرق الى المغرب ومن المغرب إلى المشرق، ويغلب علي الظمأ، فما يسقياني قال الشيخ سود: فغشي علي ساعة، فلما أفقت طلبت آثارهم، فلم أجد إلا أثر المصروع وحده، فكان ذلك سبب ترك الشيخ للدتيا واشتغاله بما يعود نفعه من العلم والعمل حتى كان منه ماكان، وفتح الله عليه بفتوحات كثيرة، وكان يسكن قرية يقال لها الفاشق، لأنه انفشق له حجر هنالك على طريق الكرامة، وكسان له بها مجد وأصحاب، وكانت الدنيا تأتيه من غير قصد، وهو مطرح لها متخل عنها ولا يأكل إلا مع أصحابه في المسجد، ولا يبيت إلا فيه، وكانت له أرض كثيرة قدر عشرة الاف معاد، يحصل منها من الحطب قدر سبعين حملا في السنة خارجا عن الزرع يتصدق بذلك كله ويصرفه في سبيل الله وفي وجوه البر، ولا يمسك منه شيئا، وهذه الأرض معفاة عن مساحة الديوان وغيرها، وهي بأيدي ورثته إلى الآن، وكلما هم بعض الولاة بالتغيير عليهم آراه الله ما يمنعه عنهم، وقصد بعضهم مرة مساحتها فخرج عليهم آسد فطردهم عنها ومرة كذلك خرج عليهم حنش عظيم طردهم أيضا وذريته هتالك مجللون حترمون يعرفون بني سود، وقد تقدم ذكر الفقيه حسين السودي منهم، والفقهاء بنو آبي حربة منهم، وسيأتي ذكر الفقيه آبي حربة وجماعة من ذريته إن شاء الله تعالى. ونسب الفقيه سود يعود إلى قهب بن راشد، قييلة معروفة من قبائل عك بن عدنان، وكانت وفاته سنة ست وثلاتين وأربعمائة رحمه الله تعالى ونفع به امين.

Halaman 151