يعلم الناس؟ وأيضًا فإنه أبان في قتال مانعي الزكاة من قوته في الاجتهاد ومعرفته بوجوه الاستدلال ما عجز عنه غيره، فإنه روي أ، عمر ﵁ ناظره فقال له: يا أبا بكر (١) كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله ﷺ (٢): " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ودمه إلا بحقه وحسابه على الله "، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها. قال عمر ﵁: والله ما هو إلا أني رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. فانظر كيف منع عمر من التعلق بعموم الخبر من طريقين: أحدهما أنه بين أن الزكاة من حقها فلم يدخل مانعها في عموم الخبر، والثاني أنه بين أنه خص الخبر في الزكاة كما خص في الصلاة فخص بالخبر مرة وبالنظر أخرى وهذا غاية ما ينتهي إليه المجتهد المحقق والعالم المدقق.
قال الإمام (٣): وأيضًا فإنه لم يكن أحد يفتي بحضرة النبي ﷺ غير أبي بكر الصديق ﵁، روي أنه لما أقر ماعز بالزنا ثلاث مرات عند رسول الله ﷺ قال له أبو بكر ﵁: إن أقررت رابعة (٤) رجمك رسول الله ﷺ؛ وقال في سلب قتيل قتله أبو قتادة، فأخذ سلبه رجل غيره وبقال الذي أخذ سلبه للنبي ﷺ صدق أبو قتادة وسلب ذل القتيل عندي فأرضه منه، فقال أبو بكر: لا ها الله إذًا لا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن
_________
(١) يا أبا بكر: سقط من ط.
(٢) مجمع الزوائد ١: ٢٤ - ٢٥.
(٣) قال الإمام: سقط من ط.
(٤) ط: رابعًا.
1 / 37