الكتاب
هذا الكتاب يعتبر من أقدم كتب الطبقات اليمنية، إن لم يكن أقدمها جميعًا، وقد قصد المؤلف بتصنيفه «أن يعَّرف كل فقيه يمني حال اليمن منذ الرسول ﷺ إلى وقته هو (^١)» ورسم لنفسه منهجًا تأريخًا، يتضمن ذكر كل من تولى الأحكام والقضاء والفقه، في هذه الفترة من الزمان، مع إيراد ما أمكنه الحصول عليه من أخبارهم وحياتهم ومصنفاتهم، وأهم الحوادث، التاريخية المتصلة بذلك، معتمدًا على ما حصله من بطون كتب التأريخ والفقه والحديث، وما نقله عن طريق شيوخه ومروياته من الأخبار، حتى إذا ما وصل إلى الحديث عن معاصريه، كانت تراجمه في هذا الباب تحوي معلومات وأخبار هامة، اعتبرت أساسًا عند جميع من ترجم لهؤلاء الأعلام من بعده.
والمؤلف - وهو شافعي المذهب - يحكي لنا في كتابه، قصة دخول المذهب الشافعي إلى اليمن، وانتشاره فيها، خصوصًا فيما يصفه المؤرخون باليمن الأسفل، حيث كان مركز هذه الدراسات، ويقدم لنا نتفًا متفرقة عن الكتب التي كانت مرجع القوم في دراستهم العلمية، قبل دخول مصنفات الشافعية، ويصف لنا الحياة العلمية والعقلية، التي كانت سائدة عصرئذ في هذه البلاد.
ومن ضم شتات هذا النتف بعضها إلى بعض، نستطيع أن نقول: أن أهل اليمن في المائة الثالثة، قبل دخول الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين إليها سنة ٢٨٠ هـ وانتشار دعوته، وقبل ظهور دعوة علي بن الفضل القرمطي، كانوا «إما مالكية أو حنفية وهو الغالب (^٢) وأكثر ما يتفقه به أهل اليمن في صدر الإسلام وما بعده - إلى وقت ظهور تصانيف الشافعية - بفقهاء مكة
_________
(^١) ص ١٤٢ من هذا الكتاب.
(^٢) ص ٧٩ من هذا الكتاب.
المقدمة / 5