Taammulat
تأملات: في الفلسفة والأدب والسياسة والاجتماع
Genre-genre
بلونا من موت الأصدقاء والأحباب ومن فقد العلماء والنبغاء، بلونا من ذلك الضربة على الضربة، وذقنا طعوم الحسرات الحسرة تلو الحسرة، وتجرعنا عليه الصبر بالكأس الكبير وبالصغير ، فما أفاد التمرس ولا أجدى الاعتياد، ولا نزال نلقى المصيبة ينخلع لها القلب وتبكي لها العين وتجزع لها النفس بأكثر من أولى المصائب وباكورة الأحزان، فلا ندري أرقت عواطفنا لما جربت من لوعات الأسى وحسرات الأسف، أم لم يفد النفس اقترانها بالمصائب، ولم يغن عنها وقت الشدة ما تجرعت من كؤوس الصبر! شأننا في الحياة هو هذا:
سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص
تنزل بنا النازلة، وكلنا يجزع خياله من تصورها، وكلنا قائل إذا وقعت:
فليت فمي إن شام سني تبسمي
فم الطعنة النجلاء تدمى بلامس
ومع ذلك يستوي الصابر والجازع وتأخذ الحياة مجراها.
لا لبيد بأربد مات حزنا
وسلت عن شقيقها الخنساء
ذلك شأننا نحن الأحياء في أمر عواطفنا، أسف مبرح وبؤس يقع على بؤس، كأنه قد كتب علينا أن ندفن بأيدينا أصدقاءنا ومحل عطفنا وأهل ثقتنا ومعقد آمالنا الواحد تلو الآخر، فمتى آخر هذه الحال! آخرها يوم الخروج من دار ما سرنا منها قدر ما أحزننا فيها، ولا تحقق فيها خير نرجوه على نسبة ما وقع من شر نتوقعه، ذلك هو:
ما لقينا من غدر دنيا فلا كا
Halaman tidak diketahui