لم تجعل منه إنسانا أفضل من سقراط؟ ليس يكفي أن سقراط مات ميتة أمجد، أو أنه كان يجادل السوفسطائيين جدلا أكثر براعة؟ أو أنه كان أكثر جلدا إذ قضى ليلة كاملة في الصقيع، أو أنه كان أشجع إذ قرر رفض الأمر باعتقال ليون من سلاميس، أو أنه كان يمشي مختالا في الشوارع
37 (وإن كان للمرء أن يشك تماما في صحة ذلك). كلا ... إن ما يلزمنا بحثه هو طبيعة نفس سقراط. علينا أن نسأل: هل كان بوسعه أن يقنع بأن يكون عادلا تجاه الناس وتقيا تجاه الآلهة، فلا هو يشجب نقائص الناس جملة ولا هو يتملق جهل أي شخص، ولا يستنكر أي نصيب مقسوم له من «الكل» أو يراه حملا ينوء به، ولا يسمح لعقله أن يميل مع الأهواء البائسة للجسد؟ (7-67) ما كان للطريقة التي مزجتك بها الطبيعة بالكل المركب أن تحول بينك وبين أن ترسم حدا يحدك ويحفظ ما هو لك تحت سيطرتك. تذكر هذا دائما. وتذكر أيضا أن الحياة السعيدة تعتمد على أقل القليل. ولا تظن أنك لمجرد يأسك من أن تصبح فيلسوفا أو عالما ينبغي أن تيأس من أن تكون ذا روح حرة، وتواضع، وضمير حر، وطاعة لله. إن بإمكانك تماما أن تكون «إنسانا إلهيا» دون أن يلحظ ذلك أحد ! (7-68) اذرع حياتك دون أي ضغط قهري، وفي أتم سكينة عقلية، حتى لو هتف العالم كله ضدك، وحتى لو مزقت الوحوش أعضاء هذه الكتلة الجسدية البائسة الملتحمة حولك؛ فأي شيء في كل هذا يحول بين عقلك وبين أن يبقي نفسه في سكينة، وأن يحتفظ بالحكم السليم على الظرف والاستعداد لأن يستعمل أي حدث يقدم له؛ بحيث يقول «الحكم»
Judgement
ل «الظرف»
Circumstance : هكذا أنت في الحقيقة وإن ظهرت في رأي الناس على أنك من صنف آخر»، ويقول «الاستعمال»
Use
ل «الحدث»:
Event «أنت ما كنت أبتغيه ... فأنا من يأخذ دائما ما يعرض له ليجعل منه مادة خاما لممارسة الفضيلة العقلية والاجتماعية؛ وباختصار، لممارسة الفن الذي ينتمي إلى الإنسان أو الإله.» ذلك أن كل شيء يحدث يتعلق إما بالإله أو بالإنسان، وليس هو بالشيء الجديد ولا العصي على التناول، إنما هو معتاد ومادة طيعة للعمل.
38 (7-69) كمال الخلق في هذا؛ أن تعيش كل يوم كما لو كان آخر أيامك، بغير سعار، وبغير بلادة، وبغير رياء.
39 (7-70) الآلهة، الذين لا يموتون، لا يضيقون بواجبهم طوال الزمان في أن يتحملوا البشر كما هم وعلى ما هم عليه من الشر. وفوق ذلك فإنهم يرعونهم بكل الطرق. أما أنت، أيها المقدر عليه أن يزول سريعا، تراك تضيق بتحمل الأشرار؟ وتضيق بهم وأنت واحد منهم؟! (7-71) عيب على الإنسان ألا يفر من رذائله، وهو ممكن، بينما يحاول الفرار من رذائل الآخرين، وهو غير ممكن. (7-72) أيما شيء تجده الملكة العاقلة والاجتماعية غير عاقل ولا اجتماعي، فإنها تعده، بحق، دونها في الدرجة. (7-73) ما دمت فعلت خيرا وتلقاه آخر، فمالك لا تزال تترقب، كالأبله، شيئا ثالثا إلى جانب هذين؛ أن تنال صيتا بفعل الخير، أو تتلقى مقابلا؟ (7-74) لا أحد يسأم من تلقي ما هو نافع. والعمل وفقا للطبيعة هو منفعتك الخاصة. لا تسأم إذن من المنافع المحصلة بواسطة المنافع المبذولة. (7-75) طبيعة «الكل» هيأت نفسها لتخلق عالما؛ فالآن إما أن كل شيء أتى إلى الوجود قد صدر من ذلك كنتيجة منطقية، وإما أنه حتى الغايات الرئيسية التي هيأ لها العقل الموجه للعالم حركته الخاصة هي غايات لا عقلانية. إذا تذكرت هذا فسوف يعينك على أن تكون أكثر سكينة في أمور كثيرة.
Halaman tidak diketahui