كن تلميذا لأنطونينوس
8
في كل شيء؛ في مضاء عزمه في كل ما يأمر به العقل، وفي رصانته الدائمة، وتقواه، وصفاء محياه، وعذوبته، وتواضعه، واجتهاده في فهم الأمور حتى لا يدع أمرا يمر دون أن يمحصه بدقة ويفهمه بوضوح. واذكر كيف كان يحتمل من يلومه ظلما دون أن يرد على الملام بمثله، ولا يندفع في أي شيء، ولا يصغي إلى الافتراءات ولا ينافق، وكيف كان يقنع بالقليل في سكناه وفراشه ولباسه وطعامه وخدمه. واذكر حبه للعمل وصبره وجلده.
لقد كان رجلا يكب على الأمر سحابة يومه فلا يتركه حتى يحل المساء، ولا يفكر حتى في قضاء حاجته إلا في ساعته المعتادة. كذلك كان مقتصدا في طعامه. وكان مخلصا وعادلا في صداقاته، متسامحا مع المعارضة السافرة لآرائه، مرحبا بالمشورة التي ترشده إلى ما هو أقوم، خاشعا لله من غير شعوذة أو خرافة.
فلتكن لك فيه أسوة حسنة؛ حتى تلقى الله وأنت على ضمير نقي كهذا النقاء. (6-31) أفق من نومك، وعد إلى رشدك، لتدرك أن كل الذي عكر صفوك كان أضغاث أحلام. والآن وقد استعدت وعيك مرة ثانية انظر إلى هذه الأشياء مثلما كنت تنظر إلى تلك الأحلام.
9 (6-32) لقد جبلت من جسد وروح؛ فبالنسبة لهذا الجسد الهزيل كل الأشياء سواء (غير فارقة)
indifferent ؛ فهو لا يستطيع أن يميز أي فارق. أما بالنسبة للعقل فاللافارق هو ما ليس داخلا ضمن نشاطه الخاص؛ وكل ما هو من نشاطه هو تحت سيطرته، ولكن من بين هذه الأشياء فإن العقل لا يعنيه إلا الحاضر؛ فأنشطته في المستقبل وفي الماضي هي أيضا لا فارقة في أية لحظة حاضرة. (6-33) ما دامت القدم تعمل عمل القدم واليد تعمل عمل اليد فإن عملهما، أيا كان، غير مضاد للطبيعة. كذلك الإنسان ما دام يعمل عمل الإنسان فإن عمله لا يمكن أن يكون ضد الطبيعة. وما دام عمله ليس ضد الطبيعة فهو غير مشين له أيضا. (6-34) أما اللذة فإن القراصنة والمأبونين وقتلة آبائهم والطغاة ليتمتعون بها غاية المتعة، لو كانت السعادة هي اللذة لكان اللصوص والمأبونون وقتلة آبائهم والطغاة هم أسعد الناس.
10 (6-35) ألا ترى كيف يطاوع الحرفيون عامة الناس إلى حد معين، على أنهم يتمسكون بمبدأ الحرفة ولا يطيقون تركه،
11
أليس غريبا إذن أن يولي النحات والطبيب احتراما لمبدئهما الحرفي الموجه أكثر مما يوليه الإنسان لمبدئه الموجه - العقل - الذي يشارك فيه الآلهة؟! (6-36) آسيا وأوروبا مجرد ركنين صغيرين من العالم. كل محيط هو نقطة في العالم. جبل أثوس
Halaman tidak diketahui