إلى «هكسيس»
hexis
بلغة أرسطو). (3) ماركوس أوريليوس الفيلسوف
الرواقية فلسفة عملية، تعلمنا كيف نتحلى بالثبات ونتحمل المحنة ونخرج من رماد الفشل. نشأت الرواقية بعد أرسطو وامتدت قرونا في الحقبة الهلينستية وما بعدها؛ ومن ثم فقد كانت الرواقية، شأنها شأن المذاهب التي أعقبت أرسطو، فلسفة عملية بالدرجة الأساس؛ إذ كانت، كأخواتها، وليدة اضطرابات وفكر أزمة.
وفي فترات الأزمات الاجتماعية والسياسية العنيفة يلح الجانب العملي للفكر وتعلو نبرته وتحتد، وينتزع الصدارة من الجانب النظري الذي يتراجع إلى الخلفية، وكثيرا ما يبدو كأنه وضع وضعا لكي يدعم المذهب العملي ويلم شعثه ويسد ثلمته. وكثيرا ما تبقى الثمار العملية يانعة نضرة، وتعيش عمرا ثانيا بعد أن يزهق المذهب النظري وتتقوض أركانه.
يقول ثورو: «أن تكون فيلسوفا لا تعني أن تكون لديك أفكار حاذقة، ولا حتى أن تؤسس مدرسة، بل أن تحب الحكمة بحيث تحيا وفقا لإملاءاتها، حياة بساطة واستقلال وسماحة وصدق. أن تكون فيلسوفا هو أن تحل بعض مشكلات الحياة، لا حلا نظريا فقط، بل عمليا أيضا.»
كان ماركوس أوريليوس قائدا عسكريا محنكا، ومنتصرا في كل ما خاض غماره. غير أن موقفه الفلسفي من السلك العسكري تترجمه الشذرة العاشرة من الكتاب العاشر من «التأملات »: «العنكبوت فخورة حين تصطاد ذبابة، والإنسان فخور بصيده - أرنبا مسكينا، سمكة صغيرة في شبكة، خنازير ، دببة، أسرى من الصرامطة.
4
والجميع من حيث الدافع لصوص.»
وكان ماركوس ملكا وحاكما قديرا، يدير شئون إمبراطورية تمتد عرضا من الفرات إلى المحيط الأطلسي، وتمتد طولا من جبال اسكتلندا الباردة إلى رمال أفريقيا المتلظية، ولكن موقفه من الملك كموقفه من الحياة العسكرية: الملك عبء وابتلاء، ولكنه لا يعفيك من الفضيلة، بوسعك أن تحيا حياة فاضلة حتى في قفص البلاط: «حيثما أمكن لإنسان أن يعيش أمكنه أيضا أن يعيش حياة صالحة، ولكن عليه أن يعيش في قصر - إذن بوسعه أن يعيش في القصر حياة صالحة» (التأملات: 5-16). «احذر أن تتقيصر أو تتلطخ بالأرجوان ...» (6-30). «قدر الملوك أن تفعل الخير وتذم عليه» (7-36).
Halaman tidak diketahui