Disagreement of Hadith
تأويل مختلف الحديث
Penerbit
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Nombor Edisi
الطبعة الثانية
Tahun Penerbitan
1419 AH
Genre-genre
Sains Hadis
وَقَدْ حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَيُّوبَ ﷺ فَقَالَ: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ ١.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي السِّحْرِ الَّذِي رَآهُ مُوسَى ﷺ: إِنَّهُ تَخْيِيلٌ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَمَا نُنْكِرُ هَذَا وَلَا نَدْفَعُهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ الْخَلَائِقَ كُلَّهَا، لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى خَلْقِ بَعُوضَةٍ، لَمَا اسْتَطَاعُوا؛ غَيْرَ أَنَّا لَا نَدْرِي، أَهُوَ بِالزِّئْبَقِ الَّذِي ادَّعَوْا أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ فِي سُلُوخِ الْحَيَّاتِ حَتَّى جَرَتْ، أَمْ بِغَيْرِهِ؟
وَلَا يَعْلَمُ هَذَا، إِلَّا مَنْ كَانَ سَاحِرًا، أَوْ مَنْ سَمِعَ فِيهِ شَيْئًا مِنَ السَّحَرَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﵎: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ ٢، ثُمَّ قَالَ: ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ ١ إِنَّ تَأْوِيلَهُ "وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ" فَلَيْسَ هَذَا بِمُنْكَرٍ مِنْ تَأْوِيلَاتِهِمُ الْمُسْتَحِيلَةِ الْمَنْكُوسَةِ.
فَإِذَا كَانَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ، هَارُوتَ، وَمَارُوتَ، صَارَ الْكَلَامُ فَضْلًا، لَا مَعْنًى لَهُ.
وَإِنَّمَا يَجُوزُ٣ بِأَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ أَنَّ السِّحْرَ أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، وَيَكُونُ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، أَوْ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: "اتَّبِعُوا ذَلِكَ" وَلِمَ يَنْزِلُ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، كَمَا ذَكَرُوا.
وَمِثَالُ هَذَا؛ أَنْ يَقُولَ مُبْتَدِئًا: عَلَّمْتُ هَذَا الرَّجُلَ الْقُرْآنَ، وَمَا أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ﵇.
فَلَا يَتَوَهَّمُ سَامِعُ هَذَا، أَنَّكَ أَرَدْتَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى مُوسَى ﵇، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ قَوْلُ أَحَدٍ: أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ﵇، وَإِنَّمَا يَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّكَ عَلمته الْقُرْآن والتوراة.
١ سُورَة ص: الْآيَة ٤١. ومطلع الْآيَة: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ...﴾ .
٢ سُورَة الْبَقَرَة: الْآيَة ١٠٢.
٣ أَي: مَا ذَكرُوهُ من التأويلات.
1 / 265