133

Syrian Magazine of 'Al Ma'arifa'

مجلة «المعرفة» السورية

Genre-genre

أن تنمو الروح الفنية في مثل هذه النزعة فلا يستغرب أن نرى الموسيقا يهمل تدريسها حتى من قبل المعلمين القادرين عليه.
٣ - لا أعتقد أن وزارة المعارف قد جهزت مدرسة من مدارسها الابتدائية باسطوانات وآلة حاكٍ أو آلة موسيقية مهما حقرت ليعزف عليها المعلم نفسه قبل أن يعزف التلميذ وكيف يستطيع معلم الصف الأول أن يطبق البرنامج الذي يوصيه بإسماع الأطفال الأغاني والأناشيد والقطع الموسيقية بالاسطوانات في مثل هذه الحالة؟
أما تعليم الموسيقا في الثانوي فلا يؤدي إلى نتيجة أيضًا وليس ذلك ضعف الأساتذة أو عجزهم أو عدم رغبتهم في إفادة الطلاب فهم أساتذة مختصون قديرون ولكن الطلاب يأتونهم وقد ضمر فيهم الذوق الفني وضعفت فيهم الثقة بأنفسهم في تعلم الموسيقا فهم ضعاف فاقدو الميل للتعلم ولكنهم شديدو الرغبة في السماع حبًا في إضاعة الوقت أمثر منه حبًا في إشباع ميلهم البديعي. ثم إن مواد البرنامج وطريقة تدريه تدعو الطلاب إلى أن ينظروا إلى الموسيقا نظرتهم إلى علم جاف نظري مجرد تجريد الرياضيات ولكن ليس له فائدتها وقيمتها في الحياة فهم لا ينظرون أبدًا إلى الموسيقا في تعلمها نظرتهم إلى فن جميل لأنهم يتعلمونها كعلم لا يتعلمونها كفن وكل ما يعجبهم من درس الموسيقا هو أن الأستاذ يعزف لهم في آخر الدرس قطعة لبتهوفن أو ستراوس أو غيرهما بناء على طلبهم أو تبرعًا من الأستاذ الذي يجد راحة في هذا من الجهد العقيم في تنمية الميل مات من الطلاب ومضى عهد تنميته حين كانوا صغارًا فهو يحار أين وكيف يبدأ؟ وأين وكيف ينتهي؟
أستطيع أن أنتهي من كل ما قدمت إلى أن المدرسة لم تؤد للأمة رسالتها الفنية التي يجب أن تؤديها في الناحية الموسيقية وأن الفنون إذا كانت تسير إلى الأمام الآن بخطوة وئيدة متثاقلة فالفضل في ذلك لا يرجع إلى المدرسة بل إلى السينما والمذياع واسطوانات الحاكي وإلى تقدم الحياة العامة الطبيعي المطرد الذي لا يعد تقدمًا إلا إذا قسناه بحياتنا الفنية الماضية منذ عشرات السنين خلت ولكنه يعد تأخرًا إذا قسناه بتقدم الأمم الناهضة التي تسير إلى الأمام بخطوات جبارة.
نعيم الحمصي

2 / 56