64

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Penerbit

دار الأدب الاسلامي

Nombor Edisi

الأولى

عِنْدَ ذَلِكَ غَمَرَتِ الفَرْحَةُ فُؤَادَ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَبَادَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يُرَحِّبُ بِهِ، وَحَمَلَ مَتَاعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَأَنَّمَا يَحْمِلُ كُنُوزَ الدُّنْيَا كُلَّهَا، وَمَضَى بِهِ إِلَى بَيْتِهِ.

* * *

كَانَ مَنْزِلُ أَبِي أَيُّوبَ يَتَأَلَّفُ مِنْ طَبَقَةٍ فَوْقَهَا عُلِّيَّةٌ، فَأَخْلَى العُلِّيَّةَ مِنْ مَتَاعِهِ وَمَتَاعِ أَهْلِهِ لِيَنْزِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ...

لَكِنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ آثَرَ (١) عَلَيْهَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، فَامْتَثَلَ أَبُو أَيُّوبَ لِأَمْرِهِ، وَأَنْزَلَهُ حَيْثُ أَحَبَّ.

وَلَمَّا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَوَى الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَى فِرَاشِهِ، صَعِدَ أَبُو أَيُّوبَ وَزَوْجَتُهُ إِلَى الْعُلِّيَّةِ، وَمَا إِنْ أَغْلَقَا عَلَيْهِمَا بَابَهَا حَتَّى الْتَفَتَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى زَوْجَتِهِ وَقَالَ:

وَيْحَكِ (٢)، مَاذَا صَنَعْنَا؟!...

أَيَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَسْفَلَ، وَنَحْنُ أَعْلَى مِنْهُ؟!...

أَنَمْشِي فَوْقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ؟!...

أَنَصِيرُ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْوَحْيِ؟! إِنَّا إِذَنْ لَهَالِكُونَ.

وَسُقِطَ (٣) فِي أَيْدِي الزَّوْجَيْنِ وَهُمَا لَا يَدْرِيَانِ مَا يَفْعَلَانِ.

وَلَمْ تَسْكُنْ نَفْسَاهُمَا بَعْضَ السُّكُونِ إِلَّا حِينَ انْحَازَا إِلَى جَانِبِ العُلِّيَّةِ الَّذِي لَا يَقَعُ فَوْقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَالْتَزَمَا أَلَّا يَبْرَحَانِهِ إِلَّا مَاشِيَيْنِ عَلَى الأَطْرَافِ مُتَبَاعِدَيْنِ عَنِ الوَسَطِ.

(١) آثر: فضل. (٢) ويحكِ: ويلكِ. (٣) سُقِطَ في أيدي الزوجين: تحيّرا وندما، وركبهما الهم.

68