Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Penerbit
دار الأدب الاسلامي
Nombor Edisi
الأولى
Genre-genre
الكُجْرَى، وَحَنِيناً إِلَى اللِّحَاقِ بِنَبِيِّهِ الكَرِيمِ ﷺ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ فَتْح((تستر)) (١) مِنْ بِلَادِ ((فارس)) ، فَقَدْ تَحَصَّنَ ((الفرس)) فِي إِحْدَى القِلَاعِ المُمَرَّدَةِ(٢)، فَحَاصَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَأَحَاطُوا بِهِمْ إِحَاطَةَ السِّوَارِ بِالمِعْصَمِ، فَلَمَّا طَالَ الحِصَارُ وَاشْتَدَّ البَلَاءُ عَلَى ((الفرس))، جَعَلُوا يُدَلُّونَ مِنْ فَوْقِ أَسْوَارِ القَلْعَةِ سَلَاسِلَ مِنْ حَدِيدٍ، عُلِّقَتْ بِهَا كَلَالِيبُ مِنْ فُولَاذٍ مُحَمَّيَةٌ بِالنَّارِ حَتَّى غَدَتْ أَشَدَّ تَوَهُّجاً مِنَ الجَمْرِ؛ فَكَانَتْ تَنْشَبُ (٣) فِي أَجْسَادِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعْلَقُ بِهَا، فَيَرْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ إِمَّا مَوْتَى وَإِمَّا عَلَى وَشْكِ المَوْتِ.
فَعَلِقَ كَلَّابٌ مِنْهَا بِأَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ - أَخِي البَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ - فَمَا إِنْ رَآهُ البَرَاءُ حَتَّى وَثَبَ عَلَى جِدَارِ الحِصْنِ، وَأَمْسَكَ بِالسَّلْسِلَةِ الَّتِي تَحْمِلُ أَخَاهُ، وَجَعَلَ يُعَالِجُ الكَلَّابَ لِيُخْرِجَهُ مِنْ جَسَدِهِ؛ فَأَخَذَتْ يَدُهُ تَحْتَرِقُ وَتُدَخِّنُ، فَلَمْ يَأْبَهْ لَهَا حَتَّى أَنْقَذَ أَخَاهُ، وَهَبَطَ إِلَى الأَرْضِ بَعْدَ أَنْ غَدَتْ يَدُهُ عِظَامَاً لَيْسَ عَلَيْهَا لَحْمٌ.
وَفِي هَذِهِ المَعْرَكَةِ دَعَا البَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ الشَّهَادَةَ؛ فَأَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ، حَيْثُ خَرَّ صَرِيعاً شَهِيداً مُغْتَبِطاً بِلِقَاءِ اللَّهِ.
***
نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَ البَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ فِي الجَنَّةِ، وَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَرَضِيَ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ (*).
(١) تُسْتَر: أعظم مدينة بخوزستان اليوم.
(٢) القلاع الممرّدة: الحصون الملساء المرتفعة.
(٣) تنشب: تغرز وتعلق.
(*) للاستزادة من أخبار البَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ انظر:
١ - الإصابة: ١٤٣/١ أو (الترجمة) ٦٢٠.
٢ - الاستيعاب (بهامش الإصابة): ١٣٧/١.
٣ - الطبقات الكبرى: ٤٤١/٣ و١٧/٧، ١٢١.
٤ - تاريخ الطبري: (انظر الفهارس في العاشر).
٥ - الكامل في التاريخ: (انظر الفهارس).
٦ - السيرة النبوية لابن هشام: (انظر الفهارس).
٧ - حياة الصحابة: (انظر الفهارس في الر).
57