50

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Penerbit

دار الأدب الاسلامي

Nombor Edisi

الأولى

وَدَارَتْ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ رَحَى مَعْرَكَةٍ ضَرُوسٍ(١)

لَمْ تَعْرِفْ حُرُوبُ الْمُسْلِمِينَ لَهَا نَظِيراً مِنْ قَبْلُ، وَثَبَتَ قَوْمُ مُسَيْلِمَةَ فِي سَاحَاتِ الوَغَى ثَبَاتَ الجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ وَلَمْ يَأْبَهُوا(٢) لِكَثْرَةِ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ القَتْلِ ...

وَأَبْدَى الْمُسْلِمُونَ مِنْ خَوَارِقِ الْبُطُولَاتِ مَا لَوْ جُمِعَ لَكَانَ مَلْحَمَةٌ(٣) مِنْ رَوَائِعِ المَلَاحِمِ .

فَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ (٤) حَامِلُ لِوَاءِ الأَنْصَارِ يَتَحَنَّطُ وَيَتَكَفَّرُ وَيَحْفِرُ لِنَفْسِهِ مُفْرَةً فِي الأَرْضِ، فَيَنْزِلُ فِيهَا إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَيَثْبُتُ ثَابِتاً فِي مَوْقِفِهِ ، يُجَالِدُ عَنْ رَايَةِ قَوْمِهِ حَتَّى خَرَّ صَرِيعاً شَهِيداً .

وَهَذَا زَيْدُ بْنُ الخَطَّابِ أَخُو عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُنَادِي فِي الْمُسْلِمِينَ:

أَيُّهَا النَّاسُ عَضُّوا عَلَى أَضْرَاسِكُمْ، وَاضْرِبُوا فِي عَدُوَّكُمْ وَامْضُوا قُدُماً ... أَيُّهَا النَّاسُ، وَاللَّهِ لَا أَتَكَلَّمُ بَعْدَ هَذِهِ الكَلِمَةِ أَبَداً حَتَّى يُهْزَمَ مُسَيْلِمَةُ أَوْ أَلْقَى اللَّهَ، فَأَدَّى إِلَيْهِ بِحُجَّتِي ...

ثُمَّ كَرَّ عَلَى القَوْمِ فَمَا زَالَ يُقَاتِلُ حَتَّى قُتِلَ .

وَهَذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ(٥) يَحْمِلُ رَايَةَ المُهَاجِرِينَ؛ فَيَخْشَى عَلَيْهِ قَوْمُهُ أَنْ يَضْعُفَ أَوْ يَتَزَعْزَعَ، فَقَالُوا لَهُ:

إِنَّا لَنَخْشَى أَنْ تُؤْتَى مِنْ قِبَلِكَ، فَقَالَ:

(١) معركة ضروس: معركة شديدة مهلكة .
(٢) لم يأبهوا: لم يهتموا ولم يلتفتوا.
(٣) الملحمة : عمل شعري كبير ينظم في وصف الحروب وجيوشها وأبطالها .
(٤) ثَابِت بْنِ قَيْس: انظره ص ٤٧٨.
(٥) سَالم مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة: انظره ص ٥٤٨.

54