Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Penerbit
دار الأدب الاسلامي
Nombor Edisi
الأولى
Genre-genre
وَلْنَتْرُكِ الكَلَامَ لِأَبِي ذَرٍّ لِيَقُصَّ عَلَيْنَا بِنَفْسِهِ بَقِيَّةَ خَبَرِهِ، قَالَ:
أَقَمْتُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي مَكَّةَ فَعَلَّمَنِي الإِسْلَامَ، وَأَقْرَأَنِي شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ لِي:
(لَا تُخْبِرْ بِإِسْلَامِكَ أَحَدًا فِي مَكَّةَ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ يَقْتُلُوكَ).
فَقُلْتُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَرْتَحِلُ مَكَّةَ حَتَّى آتِيَ المَسْجِدَ وَأَصْرُخَ بِدَعْوَةِ الحَقِّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ (١) قُرَيْشٍ؛ فَسَكَتَ الرَّسُولُ ﷺ ...
فَجِئْتُ المَسْجِدَ وَقُرَيْشٌ جُلُوسٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَتَوَسَّطْتُهُمْ، وَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
فَمَا كَادَتْ كَلِمَاتِي تُلَامِسُ آذَانَ القَوْمِ حَتَّى ذُعِرُوا جَمِيعًا، وَهَبُّوا مِنْ مَجَالِسِهِمْ، وَقَالُوا:
عَلَيْكُمْ بِهَذَا الصَّابِئِ (٢) ... وَقَامُوا إِلَيَّ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَنِي لِأَمُوتَ، فَأَدْرَكَنِي العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَكَبَّ عَلَيَّ لِيَحْمِينِي مِنْهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: وَيْلَكُمْ (٣) !!... أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا مِنْ ((غِفَارٍ))؛ وَمَمَرُّ قَوَافِلِكُمْ عَلَيْهِمْ؟! ... فَأَقْلَعُوا (٤) عَنِّي.
وَلَمَّا أَفَقْتُ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا رَأَى مَا بِي قَالَ:
(أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ إِعْلَانِ إِسْلَامِكَ؟).
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَتْ حَاجَةٌ فِي نَفْسِي فَقَضَيْتُهَا.
فَقَالَ: (الْحَقْ بِقَوْمِكَ، وَخَبِّرْهُمْ بِمَا رَأَيْتَ وَمَا سَمِعْتَ، وَادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ).
(١) بين ظهراني قريش: في وسط قريش.
(٢) الصابئ: الخارج من دينه.
(٣) الويل: الهلاك.
(٤) أقلعوا عني: كفوا عني وتركوني.
147