Saya Menjadi Tuhan Selepas Jam Sembilan
وصرت إلها بعد التاسعة
Genre-genre
سحبت الملفات جميعها عليها نفس الشعار، ويشترك بينها أيضا عبارة سري للغاية، استطرد قائلا: «سنقوم بإكمال الفراغات الناقصة خلال (نظر في ساعته) أقل من نصف ساعة من الآن؛ فالرجال يقومون بذلك منذ غروب الشمس ...» لم أعر جملته أي اهتمام، وفتحت الملف الأول فوجدته يشبه «سيناريو» أو محضر جلسة في السفارة الأمريكية، وعجبت من التاريخ المدون عليه «22 يوليو 1952»، وتعجبت أكثر من ذلك الحوار، تذكرت مذكرات «مايلز لامبسون» وكيف كان للإنجليز مكتب للتصنت على المكالمات الهاتفية داخل سنترال رمسيس، فلماذا لا يكون هناك مكتب آخر للأمريكيين؟ - هل ساعد الأمريكيون ضباط الثورة فعلا؟ - سيادة الرئيس في أحيان كثيرة تكون المساعدة في الصمت أو التغافل أو عدم إثارة المشاكل؛ وقت قيام الثورة كانت الولايات المتحدة تبدأ في الانتشار والتوسع الإمبراطوري، وكانت تحتاج لتقليص دور صديقتها المملكة المتحدة من المنطقة، كما لم يكن جلالة الملك بالحنكة الكافية لإدارة مثل هذا الموقع الاستراتيجي. نعم ساعدت الولايات المتحدة ضباط الثورة، وراهنت عليهم أيضا، وكان النظام المصري الجديد وقتها هو المرشح ليكون الابن المدلل للسياسة الأمريكية لولا فطن أبناء العمة لذلك، وقام «بنحاس لافون» بسلسلة عمليات «سوزانا» التي أدت لتوتر كبير في العلاقات مع الولايات المتحدة، وفي الوقت الذي احتاجت فيه لضمانات من الحكومة المصرية كانت الأمور تغيرت بالفعل، وصدقنا وقتها بأننا لا نحتاج لتقديم ضمانات لأحد.
كان الرجل يتحدث بمرار، لا أعتقد أنه قد عاش تلك الفترة بعقل يعي كل تلك الأمور، لفت نظري ذكره لفظ «جلالة الملك» بينما تحدث عن حكومة الثورة كنظام «جديد»، فازدادت رغبتي في معرفة ما يدور بعقله، لكني كنت مدركا تماما وقتها أنه يقول فقط ما يجب علي سماعه، على الأقل في تلك المرحلة، أخذت أقلب في الملف حتى وضعته على الطاولة مكانه وانتقلت لملف آخر مكتوب عليه «تنظيم (...)» ومتروك مسافة بين القوسين بعد كلمة تنظيم لا أدري لماذا شعرت بأنني أمام إحدى روايات «حسن عبد السلام»؛ فهو يكتب على جميع مسودات رواياته كلمة رواية ويترك بجوارها نفس القوسين بمسافة بينهما، لحين الاستقرار على اسم الرواية فيضيفه بيده بين القوسين. حسنا، همست لنفسي أنني بصدد مسودة سيناريو، ولكن ليس من أعمال «حسن عبد السلام» ولكن من أعمال المخابرات العامة.
عجبا، إنه سيناريو كامل بتنظيم لا تشوبه شائبة، أحداث وتقارير أمنية عن التنظيم السري الذي دوما يترك اسمه مكانا شاغرا بين القوسين، حتى محاضر المكالمات الهاتفية ترك أماكن الاسماء شاغرة، بالفعل إنني أمام سيناريو كامل لا ينقصه إلا تسكين الأبطال في القصة، التنظيم يديره «شاب» ويعاونه مجموعة من أصدقائه وزملاء العمل، استطاع بذكائه أن يجند مجموعة من ضباط الشرطة لما لهم من حرية في الحركة داخل العاصمة، كما تمكن التنظيم من تجنيد ضابط رفيع المستوى في الحرس الجمهوري. - ألا ترى سيد «رفاعي» أن هذا التنظيم، أو اسمح لي أن أسميه سيناريو، لا يرتقي لعمل جهاز مثل الدفاع الوطني؟ بل لا يرتقي لعمل كاتب سيناريو هاو. - سيادة الرئيس (ينظر لساعته مرة أخرى) لقد فضلت أن ترى بنفسك كيف تملأ الخانات الناقصة في التقارير بمثل تلك الأهمية، اسمح لي بأن أدعو الرجال للدخول؛ فهم يعملون على هذا التقرير منذ ساعات وبمساعدة كافة الأجهزة الأمنية.
عقدت حاجبي مستنكرا بسخرية واضحة قائلا: «هذا التقرير؟ هل أنت متأكد أن البلاد لن تكون في حالة استخباراتية أفضل لو كتب تقاريرها الأمنية «نجيب محفوظ»؟ (ضحكت) دع رجالك يدخلون، ولو لديكم مشكلة في اختيار الأبطال فلا تقلق، أعرف من يمكنه تسوية الأمر.»
كنت زاهيا بقدر سخريتي منه، بينما توجه للباب بابتسامة أقلقتني كثيرا، وخطر بذهني للحظة خاطر أرعبني، وأطلقت لرعبي العنان وأنا أعيد التصفح في تقرير التنظيم السري الذي بيدي، بينما أدخل «كمال الراعي» أربعة رجال لا يقلون وسامة ولا تأنقا عنه، وإن كانوا بلا شك يقلون هيبة، أشار لهم أن يتوقفوا في أماكنهم، رفعت عيني سريعا فوجدتهم يدفعون أمامهم «تروليين» صغيرين عليهما صناديق متفاوتة الأحجام، عدت مرة أخرى لتفحص التقرير، ولكن صاغ لي رعبي تصورا جديدا أكدته ابتسامة «كمال الراعي» الشيطانية، فإن ما رأيته هذه المرة هو سيناريو متكامل مترابط لا ينقصه سوى تسكين الشخصيات الرئيسية، وإضافة ملامحها على الأحداث المدونة بالفعل، ترددت كلمات «الراعي» مرة أخرى في عقلي عن قيامنا - أنا وأصدقائي - بانقلاب على القصر الرئاسي، واتضحت لي الرؤيا جلية مرة واحدة، فرفعت عيني بمزيج من الغضب والدهشة، ورمقته بنظرة تكفي لإشعال براكين الأرض، لكنه قابلها بابتسامة إطراء أربكتني وزداتني غضبا. - هل تسمح سيادة الرئيس أن ينهي الرجال عملهم (مشيرا للتقرير بيدي).
مددت يدي بالتقرير، ووقفت لألتف حول المقعد ساندا يدي على ظهره لأتابع كيف ينهي الرجال عملهم، وبإشارة من يده تحول الرجال الأربعة لخلية من النحل، بعد أن خلعوا ستراتهم، وشمروا عن سواعدهم، وأفرغوا حمولة صناديقهم، وتحول هذا الجزء من الغرفة معهم إلى غرفة عمليات، أجهزة كمبيوتر، ماكينة تصوير مستندات صغيرة الحجم، كاميرا تشبه المستعملة في المرور وفي إصدار البطاقات الشخصية، والعديد من الأجهزة الأخرى التي رغم ولعي التكنولوجي لم أعرفها.
قاموا بفتح الملف واستخراج الأوراق جميعها من الداخل، وبدأ كل واحد منهم بالاحتفاظ بمجموعة من الأوراق وتمرير الباقي لمن يليه، حتى قسموا الأوراق عليهم بالكامل، ثم توجه كل منهم إلى صناديق الملفات التي معهم، وبدأت عملية تسكين للأبطال من أروع ما رأيت، لكن الأبطال هذه المرة كانوا «نحن»؛ فصورنا مبعثرة بالغرفة تتعرض لكافة أنواع المونتاج، وتدخل في أجهزة وتخرج بهيئة أخرى.
استمر عمل الرجال حوالي نصف الساعة أو يزيد، لم يتحدث أي منهم، لم أعرف حتى كيف تبدو أصواتهم، وبعد ذلك اختفت آثار العدوان في لا وقت، وعاد كل شيء للصناديق المغلقة، وارتدى الرجال ستراتهم مرة أخرى، واصطفوا بجوار الباب تاركين للسيد «كمال الراعي» ملفا يشبه الأول ولكن أكثر امتلاء، وأشار لهم بالخروج وعاد ليطلب مني الجلوس مرة أخرى، وجلسنا يفصلنا تلك الطاولة الصغيرة ليمد لي يده بالملف مرة أخرى.
شعار المخابرات في الأعلى، وفي المنتصف «التنظيم صقر الجمهورية» وأسفلها سري للغاية، وفتحت الملف؛ فهرس كامل لكافة محتويات الملف بداية من نشأة التنظيم وأهدافه وأفكاره وهياكله التنظيمية المتعددة، وأجنحته المختلفة، وبعد الفهرس بدأت في التعرف على التنظيم «صقر الجمهورية» والذي يتضح من تقرير المخابرات أنه تنظيم إصلاحي، لا يميل لاستخدام العنف أو ترويع المدنيين، وله برامج تنموية، وخطة للقضاء على الفساد بأنواعه دون اللجوء للعنف أيضا، ولكن بمراقبة الفساد وتضييق الخناق حوله ثم الإبلاغ عنه متلبسا، ويعود للتنظيم الفضل في الكشف عن الكثير من قضايا الفساد بين رجال الأعمال وتجاوزات بعض الوزراء! أسماء لامعة سمعت فضائحها بالجرائد وظننتها إشاعات، وأسماء أخرى عاصرت البعض من فضائحها، وأسماء لم أسمع عنها قط.
القائمة طويلة، شعرت بأن التنظيم «صقر الجمهورية» هو أحد أجهزة الدولة المسئولة عن كشف الفساد ومحاصرته، كنت في حالة من التأثر بقدرة هذا الجهاز وبحجم الفساد أنستنى أنني في مأزق كبير لا أعرف ملامحه الحقيقية حتى الآن، الغريب أنني رأيت السيناريو قبل أن يمتلئ، وبعد استيفاء كل بيانته، ولكن تصفحه وحجم المعلومات الموجودة به وأسلوب التقارير أنساني تماما كيف رأيته في المرة الأولى.
Halaman tidak diketahui