Socrates: Lelaki Yang Berani Bertanya
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Genre-genre
يقول الرجل عند لوحات سوق السمك: «لست أعرف رأيك، ولكني كنت أنتظر أمرا كهذا منذ سنوات، ولقد أصاب أنيتس كبد الحقيقة، وليس هناك مدينة من المدن تستطيع أن تجعل شبابها ينقدون آباءهم، وكان ينبغي لنا أن نتعلم الدرس عندما رأينا ما صار إليه ألقبيادس دون أن ننتظر كرتياس وصحبه، إن هذا الرجل سقراط رجل خطر، إنه لا يمكن أن يبقى في إسبرطة أسبوعين اثنين.»
ويقول آخر عند دكان القصاب: «كلا، لم أكن هناك لما وقع هذا الأمر بطبيعة الحال، ولكنهم يقولون إن ابن أنيتس قد أصابه شيء من أسباب التعب، إنه لم يرد أن يلتحق بعمل أبيه في الصباغة - كما فهمت - وقد أبلغ سقراط أنيتس بذلك، فسقط المقبض من يد الشيخ، وقال: إن ابنه من شأنه، وعليه أن يصدع بما يؤمر به أو شيئا من هذا القبيل، ومهما يكن من شيء، فإن الفتى قد أدمن على الشراب من ذلك الحين، ويبدو أن أنيتس يعتقد أن وزر ذلك يقع على عاتق سقراط، وإن سألتني رأيي في هذا قلت: إن أنيتس قد يكون رجلا عظيما من رجال الدولة كما يقول الناس جميعا عنه ذلك، ولكني سعيد لأنه لم يكن أبي!»
وإن مررت إلى جوار مناضد رجال المال سمعت أحدهم يقول: «هل تحسب أن في قصة شجارهم مع ألقبيادس شيئا وهو في طريق عودته، لقد سمعت ...»
ويقول أحدهم عند بائعي الزيت: «ويقولون: إنه في السبعين من عمره، وله زوجة وثلاثة أطفال، كان بوسعهم أن يتركوا الشيخ آمنا، ثم إني تحدثت إليه ذات مرة، وكان يقف مكانك الآن تماما، ويتحدث في أمور بسيطة جدا، ولم يستخدم ألفاظا ضخمة كما كان يفعل السفسطائيون، ولم يتسع لنا الوقت في ذلك اليوم، إن الوقت لا يتسع لنا مطلقا، ولسوف أحضر محاكمته إذا أغلقت دكاني لأدركها.»
ويقول أحدهم وهو يسير جيئة وذهابا تحت قبة زيوس: «ماذا عسانا فاعلين يا أقريطون؟ لقد رأيت مسلكه حينما أردنا أن نأتي بثياب الحداد المألوفة لزانثب ولأطفاله كي يؤثروا بها على أعضاء المحكمة، وقد رفض أن يأخذ الحيطة كما تفعل عامة الناس، ثم لا تنس موضوع الخطاب الذي يلائم المقام، ربما كان مصيبا عندما رفض أن يحفظ الخطاب الذي أراد ليسياس أن يكتبه له، غير أني لم أره يعد لنفسه خطابا، ثم أرقب، سوف يهبط إلى الملعب كعادته بعد ظهر اليوم، وبعد غد، حتى تحين المحاكمة، وقد يضحي بنفسه من أجل هؤلاء الشباب، وهم لا يستحقون خنصره، بل إنا جميعا لا نستحقه ... آه يا أقريطون، ماذا عسانا فاعلين؟»
ويقول آخر عند بيت أنيتس الوطني: «استمع إلي يا ليكون: لا بد لنا أن نتجنب الخطأ في القضية، وخير لنا أن نتخلى عنها بتاتا من أن نلفقها ونخلق من الرجل بطلا، ولا تعتمد كذلك كثيرا على مليتس، فلو أن سقراط ساجله السؤال؛ لقلبه رأسا على عقب في لحظة واحدة.» «أليس توجيه السؤال من المتهم فيه شيء مما لم يألفه الناس يا أنيتس؟» «قد يكون الأمر كذلك، ولكن تلك طريقة سقراط، وسوف يلجأ إليها، إنك لا تعرف صلابة الرجل، ومع ذلك فإن هذه الطريقة عينها هي التي سوف تؤلبهم عليه، لو قمنا نحن بواجبنا، لندفعه قليلا بقولنا بأن الأغلبية في ديمقراطيتنا تعرف بالطبع خير المعرفة، ولو أنها خطأت تعاليمه فثق بأنه سوف يوافق على «ضرورة» خطئها، ثم ... أجل ... لقد قصدت أن أذكرك يا ليكون، لا تذكر بالاسم بطبيعة الحال ألقبيادس أو كرتياس، أو أية تهمة يرجع تاريخها إلى ما قبل سقوط الثلاثين، فأنت تعرف أن ذلك هو القانون.» «ولكن ألقبيادس وكرتياس أقوى ما لدينا من نقاط يا أنيتس، لا أظنك تعني ...» «آسف يا ليكون، إذ لا بد لي أن ألح في ذلك، اذكر بالتلميح ما شئت طبعا، ولكن هذا القانون قانون حسن، وهو أملنا الوحيد في تماسك المدينة بضع سنوات، إن اعتراضنا على رجل يحب أن يعكر صفو الأمن في المدينة لا يبرر أن نعكر صفوه نحن بأنفسنا، دعه يسق نفسه إلى المشنقة بكبريائه، ثم هل سمعت حديث الناس في السوق فوق ذلك؟ إن القوم يفكرون بالفعل في ألقبيادس وليسوا في حاجة إلى التذكير.»
هكذا كان الناس الطيبون في أثينا يتحدثون ويأملون ويخشون ويتعجبون ويرسمون الخطط، بعضهم بنية سيئة وبعضهم بنية طيبة، ولكن قليلا منهم من كان واسع الإدراك، ولما عاد سقراط من سماع القضية المبدئي، توجه إلى الملعب كعادته، ولما سأله أحدهم متى يعد خطابه الذي سوف يلقيه في المحاكمة، أجاب بقوله: «لقد كنت في سبيل إعداده طوال حياتي كلها.» فماذا يستطيع أي امرئ أن يقول بعد هذا ؟
وأشرق صباح يوم المحاكمة كما يشرق أي صباح، واجتمع أقريطون وابنه كريتوبيولس وأفلاطون وبقية هذه الزمرة مبكرين في البيت؛ لكي يصحبوا سقراط إلى المحكمة، ووجدوه في طبيعته المرحة المألوفة، أما زانثب التي بدت عليها قلة النوم فقد زعمت أنه قد طاب نوما، وتبادلوا الحديث وحاولوا المزاح الذي كان أيسر على نفسه منه على أصدقائه، ولحظ أقريطون أنه لزم الصمت قليلا وهو يخطو خارج البيت، ثم لزمه كذلك وهو في الطريق، كأنه يصغي إلى شيء لا يسمعه، ثم ابتسم تلك الابتسامة العريضة التي أحبوها بالألفة، والتي جعلتهم يتألمون في دخيلة أنفسهم ذلك الصباح، ودخلوا المحكمة سويا.
وكان المحلفون الآن في طريقهم إلى المحكمة، وهم أولئك المواطنون الأثينيون الذين يبلغ عددهم واحدا وخمسمائة منتخبين بالاقتراع ليمثلوا المدينة، يتدافعون لكي يحصلوا على شاراتهم من الحاجب، ويحاورون لكي يظفروا بخير المقاعد الأمامية، وكان القاضي الملك أركون على منصته، والمتفرجون - بعضهم متحمس وبعضهم يتطلع فحسب - يتزاحمون حتى قضبان ساحة المحكمة.
وافتتحت إجراءات المحكمة بطنين الصلاة المألوف، وبإعلان الملك أركون القضية إعلانا رسميا، ثم استدعى المنادي المتهمين والمتهم لكي يتقدموا، وقال أقريطون: «ابذل من جهدك ما تستطيع يا سقراط من أجل أصدقائك.» وأخجله أن يكون وجله في الواقع من خسارته الشخصية، ولكن تلك كانت الحقيقة.
Halaman tidak diketahui