Socrates: Lelaki Yang Berani Bertanya
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Genre-genre
وواصل السفسطائي كلامه قائلا: «هل تقول إن لديك كلبا؟» - أجل، وهو متوحش. - وهل عند الكلب جراء؟ - أجل، وهي شديدة الشبه به. - وهل الكلب أبوهم. - أجل، وأنا من ذلك على ثقة. - أوليس الكلب لك؟ - إنه بالتأكيد لي.
فقال السفسطائي، وقد تلفت حواليه ظافرا: «الكلب إذن أب، وهو لك، وإذن فهو أبوك وأنت أخ للجراء!»
وكان سقراط يستطيع أن يقوم بهذه الألاعيب لو أراد، كان يستطيع أن يوجه الأسئلة ليتظاهر، كما كان يفعل بعض أصحابه مع أسرهم عند عودتهم إلى بيوتهم للغداء ، بل كان يستطيع أن يقوم بلعبة أخرى أشد من ذلك خطرا كان يؤديها بعض السفسطائيين، إذ كانوا يعلمون تلاميذهم أنهم لن يجدوا الحق مهما بحثوا عنه، وكانت رسالة سقراط تختلف جد الاختلاف عن التلاعب بالسؤال والجواب الذي كان يقوم به غيره، كان يبحث عن أساس متين للحياة، وكان يفعل ذلك من أجل أصدقائه.
وقد أخذ سقراط أمر الصداقة مأخذا جديا، كان له أصدقاء لا تلاميذ؛ ولذلك عنده أهميته، وقد رفض أن يقبل أجرا لما أسماه بعض الناس تعليما منه، برغم استحثاث زانثب له وإصرارها على ذلك، كيف يستطيع أن يعلم وهو إنما يحاول أن يعرف فحسب؟ وفوق ذلك، يستطيع كل امرئ أن يقصده إذا هو لم يتناول أجرا، وكان يريدهم جميعا، ولا يحب أن يستبعد أحدا، ويمكن أن يتبين للشيوخ والشبان والطلاب والمواطنين والأجانب بل وللنساء والعبيد أن في رءوسهم أفكارا طيبة، ويود لو أن كل امرئ في أثينا كان له صديقا لو شاء أن يكون، وكان يحزنه أن بعض الناس - وبخاصة الشيوخ الذين ثبتوا على طرائقهم ولا يريدون لها أن تهتز بعد ذلك - يسيئون إدراك ما كان يفعل.
وأكثر أصدقاء سقراط الذين قصدوه كانوا شبابا في بداية طور النمو، وأحبوا سقراط لأنه كان مثلهم عاشقا للحياة شغوفا بالمعرفة، ورأوا نوعا من الجمال بداخله جعلهم يتمنون أن يكونوا مكانه، وكذلك رأى سقراط فيهم جمالا وقوة، وربما أحسوا هم أنفسهم بذلك، ورأى أنه يمكن لهم أن يسارعوا جريا وراء الفكرة وأن يصارعوا الرأي المتناقض، كما يسارعون في الجري ويصارعون في الملاعب، إنهم لم يتقاعدوا حذرين حينما كان الجدل يدفعهم إلى الأمام، كما عشقوا الخير بمجرد إدراكهم له.
واعتقد سقراط أن الصداقة حق، وأن من أثمن ما في هذه الدنيا: أن يرى الناس جمال الخير في دخائل أنفسهم وأن يهيموا به حبا، إن الناس الذين يتصادقون لهذا، ولا يتصادقون لأن كلا منهم يعشق ملامح الآخر، إنما يترابطون لإنماء الخير في أنفسهم وفي نفوس الآخرين؛ لأن الصديق يحب الخير لصديقه كما يحبه لنفسه ، كما ينمي في نفسه ما يحبه الصديق، إن الآراء الجميلة والصفات الطيبة إنما تتولد من هذا اللون من الصداقة، والأصدقاء الذين يبدءون بحب الخير لأصدقائهم يرون كذلك الخير ويحبونه حيثما يكون.
قال سقراط مرة: «إنني أكتسب من الأصدقاء الطيبين متعة لا يكتسبها غيري من الجياد المطهمة أو الكلاب الجيدة أو ديوك القتال، وإذا كان لدي شيء من الخير علمته أصدقائي، ووضعتهم مع غيرهم ممن يكتسبون منهم جانبا من الخير فيما أحسب.»
ومن الجلي أن زمرة الأصدقاء كانت لسقراط البيئة الصحيحة الطبيعية التي يواصل فيها بحثه في طبيعة الخير، وفي الحق لقد بلغ البحث إلى حد ما عند سقراط هذا المبلغ؛ لأنه لم يكن أولا معلما أو مناظرا وإنما كان صديقا، وللكلمات وقع مختلف حينما تصدر من صديق، وروح ما يقال وما لا يقال كانت تثب من فرد إلى آخر كما تشتعل النار من النار، وتذكر أصدقاء سقراط صداقته بقدر ما تذكروا قوله، ولما دون أفلاطون ما ذكر من أحاديث أستاذه كان لا بد له أن يصوغه في ملابساته الودية: في الملعب أو السوق أو حفل العشاء أو في نزهة ريفية.
الفصل التاسع
ألقبيادس
Halaman tidak diketahui