Socrates: Lelaki Yang Berani Bertanya
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Genre-genre
وتذكر الناس ما حدث منذ أقل من اثني عشر عاما قبل مولد سقراط، حينما غزت بلاد اليونان جيوش أجزرسيس - ملك الفرس - الجرارة، كانت هذه الجيوش الفارسية كأنها الجراد في عددها، شربت من الأنهار حتى جففتها، وظللت سهامها الشمس، وكان أجزرسيس بقوته مزهوا، وشيد من الزوارق قنطرة عبر هلسبنت، ولما حطمت العاصفة القنطرة، ألهب المياه بالسياط ووسمها بالعار كأنها رقيق عصي.
ولم تنس الآلهة كبرياء أجزرسيس، ولا كيف أحرق المعابد فوق الأكروبول في أثينا، وكانت الآلهة ترقب سير المعركة من خليج سلامس المجاور، حيث التقى أسطول الفرس بأسطول الإغريق، وإلا فكيف استطاع الإغريق أن ينتصروا؟ وجلس أجزرسيس موشى بالذهب ومحلى باللون الأرجواني على عرشه فوق الخليج يشهد القتال، ووقف إلى جواره كتابه يحملون الألواح يدونون عليها أسماء القادة - طبقا لأدائهم - للثواب أو العقاب، وكان الفرس أكثر عددا، كما كانوا من الفوز واثقين، وبرغم ذلك اندحروا، وتحطمت سفنهم وغرقت، وقتل جندهم المسلحون، الذين كانوا يحسبون أنهم لا يقهرون، عند الساحل وفي المعركة البرية فيما بعد، وهرع أجزرسيس نفسه عائدا إلى بلاده، حيث قابلته إمبراطوريته بالعصيان، ومن ذا الذي يشك في أن الآلهة أذلت الغزاة المتكبرين، فالكبرياء إساءة للآلهة؟
ومن الخطر كذلك أن يتوافر للمرء مزيد من الحظ السعيد ، وقد رويت لسقراط قصة ما حدث لبوليكراتس من أبناء ساموس برهانا على ذلك، كان بوليكراتس حاكما قويا على الجزر الشرقية منذ سنوات عديدة، وكان ثريا موفقا في كل ما أدى من عمل حتى استرعى التفات فرعون مصر، وعقد معه حلفا، بيد أن فرعون كان يخشى أن تغار الآلهة مما أصاب بوليكراتس من حظ سعيد، فنصحه أن يستخرج أثمن ما يملك ويلقي به بعيدا؛ لكي يصيب قسطا من سوء الحظ فيتجنب بذلك غضب الآلهة.
وظن بوليكراتس أن هذه النصيحة فكرة طيبة، وبعدما بحث في كل كنوزه استخرج خاتما، صاغه من الذهب صانع ماهر معروف وأودعه فصا من الزمرد، وكان ذلك أغلى ما يملك، وفي سفينة من سفن الدولة يدفعها خمسون مجدافا أقلع إلى مسافة بعيدة عن الساحل وألقى بالخاتم في أعماق المياه، وخيل له أنه بات من بعد ذلك في أمان.
وجاء ذات يوم إلى باب القصر صائد سمك يحمل سمكة جميلة صادها ذلك الصباح، وكانت من الجمال - كما يقول - بحيث لم يرض أن يبيعها لرجل من عامة الناس، وأتى بها هدية لبوليكراتس، وسر بوليكراتس بالهدية وبالثناء، ودعا الصائد للغداء، وأمر أن تعد السمكة للطهو، ولكن ما إن فتحها الطهاة حتى أذهلهم أن يجدوا بداخلها الخاتم عينه الذي حاول بوليكراتس أن يلقي به في اليم.
ولما سمع فرعون مصر بعودة الخاتم فصم في الحال صداقته مع بوليكراتس؛ إذ إنه بات من الجلي أنه رجل تعد له الآلهة مصيرا مريعا، وكان ذلك ما حدث، فسرعان ما قتل بوليكراتس بقسوة وتمزقت إمبراطوريته، إن الآلهة لم تعف عنه لوفرة ما أصابه من حظ سعيد.
تلك كانت الأقاصيص التي ترامت إلى سقراط عن الآلهة وهو في سن الطفولة، آلهة كانت في قديم الزمان تتشاجر وتكذب وتسرق وتهبط في صورة الناس تحمي أصدقاءها أو تؤذي أعداءها، أما الآلهة في زمانه فقد بعدت مكانتها ولكنها ما برحت جبارة لا تتسامح في نقمتها من السوء والكبرياء أو وفرة الحظ السعيد.
وفي غضون ذلك، وبرغم الأقاصيص المقبضة، كانت تقام الحفلات بما فيها من مواكب وضحايا وولائم، وكان تمثال أثينا الخشبي القديم الذي يشبه جذع الشجرة يؤخذ لحمام سنوي في مياه البحر، كما كانت تقدم للأفعى المقدسة كعكتها في المعبد، وكان الناس يقسمون بالآلهة إيمانا مقدسة، ثم يحنثون في أيمانهم، فينجون برغم ما تروي الأقاصيص، وكان من دواعي الاجتماع ومن الحكمة أن تضحي للآلهة في الأوقات الملائمة، غير أن قلة من شواذ الناس - ممن «تمتلئ قلوبهم بخشية الآلهة» كما كانوا يقولون - كانوا يذهبون في تفكيرهم إلى أبعد من ذلك، ولم ينزعج حقا في تلك الأيام من نقمة الآلهة على السرقات والأكاذيب إلا الشيوخ الذين كانوا يخافون مما عساه يحدث بعد موتهم، ومهما يكن من شيء فإن القوم لم يكونوا ليعبئوا إلا بما يحدث في المحاكم.
تلك كانت الآلهة، وهكذا كان الناس يعبدونهم! فماذا كان رأي سقراط؟
لحظ في وقت مبكر أن أصدقاءه لم يهتموا ولم يضطربوا، ربما أزعجتهم القصص التي تروى عن حسد الآلهة، ولكنهم يحلمون بالثراء والحظ السعيد لأنفسهم، وربما تندروا بمهارة الآلهة في السرقة والكذب، يحسون مع ذلك بالأسى العميق حين يشهدون المسرحيات التي تعرض عقاب الآلهة للآثام، يستطيعون أن يخدعوا غيرهم في اللعب ومع ذلك يشعرون بالارتياح إلى الصلاة أو تقديم الضحايا، أما سقراط فقد خلق على غرار آخر، كان يتعجب ويطابق بين الأمرين في ذهنه.
Halaman tidak diketahui