36

Sunna

السنة

Penyiasat

سالم أحمد السلفي

Penerbit

مؤسسة الكتب الثقافية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٨

Lokasi Penerbit

بيروت

١٣٩ - سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَحْكِي عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: ٢٤٦] مَعَ مَا أَوْجَبَ مِنَ الْقِتَالِ فِي غَيْرِ آيَةٍ قَالَ: فَكَانَ فَرْضُ الْجِهَادُ مُحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ - كَفَرْضِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ - عَامًّا، وَمُحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ الْعُمُومِ فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ ﷺ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ لِلْقِيَامِ بِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْخَوْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَمْنَعُهُ، وَالْآخَرُ أَنْ يُجَاهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ فِي جِهَادِهِ كِفَايَةٌ حَتَّى يُسْلِمَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ أَوْ يُعْطِيَ أَهْلُ الْكِتَابِ الْجِزْيَةَ، فَإِذَا قَامَ بِهَذَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ لَهُ خَرَجَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمْ مِنَ الْمَأْثَمِ وَكَانَ الْفَضْلُ لِلَّذِينَ وُلُّوا الْجِهَادَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهُ قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء: ٩٥] قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبَيَّنَ إِذْ وَعَدَ اللَّهُ الْقَاعِدِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ الْحُسْنَى أَنَّهُمْ لَا يَأْثَمُونَ بِالتَّخَلُّفِّ وَيُوعَدُونَ الْحُسْنَى فِي التَّخَلُّفِ بَلْ وَعَدَهُمْ بِمَا وَسِعَ لَهُمْ مِنَ التَّخَلُّفِ الْحُسْنَى إِذَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَمْ يَتَخَلَّفوَا شَكًّا وَلَا سُوءَ نِيَّةٍ وَإِنْ تَرَكُوا الْفَضْلَ فِي الْغَزْوِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَغْزُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَزَاةً عَلِمْتُهَا إِلَّا تَخَلَّفَ عَنْهَا بَشَرٌ فَغَزَا بَدْرًا وَتَخَلَّفَ عَنْهُ رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ وَكَذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَامَ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَزَوَاتِهِ، وَقَالَ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ وَفي تَجَهِيِزِهِ فِي الْجَمْعِ لِلرُّومِ: «لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ فَيَخْلُفُ الْبَاقِيَ الْغَازِيَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَفَرْضُ الْجِهَادِ عَلَى مَا وَصَفْتُ، يُخْرِجُ الْمُتَخَلِّفَ مِنَ الْمَأْثَمِ الْقَائِمِ فِيهِ بِالْكِفَايَةِ وَيَأْثَمُونَ مَعًا إِذَا تَخَلَّفُوا مَعًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذِهِ الْفَرَائِضُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي أَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ وَمُخْتَلِفةٌ فِي الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ وَالْعِدَّةِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْحُدُودِ، بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسُنَّتِهِ فأَخْبَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مِرَارٍ فِي خَمْسَةٍ أَوْقَاتٍ وَأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً عَلَى مَا فَسَّرْنَا وَأَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: ٢٤٦] كَمَا قَالَ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] وَكَمَا قَالَ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] وَقَالَ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧] فَكَمَا دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفَرَائِضَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ عَلَى مَا حَكَيْنَا وَفَسَّرْنَا فَكَذَلِكَ دَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ يَجِبُ عَلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَبَيَّنَتْ أَنَّ الْجِهَادَ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ مِنَ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

1 / 44