239

Sunan Darimi

سنن الدارمي - ت زمرلي والعلمي

Penyiasat

الدكتور/ مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني

Penerbit

(بدون ناشر) (طُبع على نفقة رجل الأعمال الشيخ جمعان بن حسن الزهراني)

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

وَكَرِهُوا أَنْ يُعْرَفُوا بِإِضَاعَتِهِ، فَنَطَقُوا فِيهِ بِالْهَوَى لِمَا أَدْخَلُوا فِيهِ مِنَ الْخَطَإِ، وَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَمَّا تَرَكُوا مِنَ الْحَقِّ إِلَى مَا عَمِلُوا بِهِ مِنْ بَاطِلٍ، فَذُنُوبُهُمْ ذُنُوبٌ لَا يُسْتَغْفَرُ مِنْهَا، وَتَقْصِيرُهُمْ تَقْصِيرٌ لَا يُعْتَرَفُ بِهِ، كَيْفَ يَهْتَدِي الْمُسْتَدِلُّ الْمُسْتَرْشِدُ إِذَا كَانَ الدَّلِيلُ حَائِرًا؟، أَحَبُّوا الدُّنْيَا وَكَرِهُوا مَنْزِلَةَ أَهْلِهَا، فَشَارَكُوهُمْ فِي الْعَيْشِ، وَزَايَلُوهُمْ بِالْقَوْلِ، وَدَافَعُوا بِالْقَوْلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَنْ يُنْسَبُوا إِلَى عَمَلِهِمْ، فَلَمْ يَتَبَرَّؤا مِمَّا انْتَفَوْا مِنْهُ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِيمَا نَسَبُوا إِلَيْهِ أَنْفُسَهُمْ، لأَنَّ الْعَامِلَ بِالْحَقِّ مُتَكَلِّمٌ وَإِنْ سَكَتَ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلَامِ الْحَكِيمِ أَتَقَبَّلُ، وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إِلَى هَمِّهِ وَهَوَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَهَوَاهُ لِي جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْدًا وَوَقَارًا لِي، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ) (١). وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ (٢) كُتُبًا، وَقَالَ: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ (٣) قَالَ الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَلَا تَكْتَفُوا مِنَ السُّنَّةِ بِانْتِحَالِهَا بِالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ بِهَا، فَإِنَّ انْتِحَالَ السُّنَّةِ دُونَ الْعَمَلِ بِهَا كَذِبٌ بِالْقَوْلِ مَعَ إِضَاعَةِ الْعِلْمِ، وَلَا تَعِيبُوا بِالْبِدَعِ تَزَيُّنًا بِعَيْبِهَا، فَإِنَّ فَسَادَ أَهْلِ الْبِدَعِ لَيْسَ بِزَائِدٍ في صَلَاحِكُمْ، وَلَا تَعِيبُوهَا بَغْيًا عَلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ الْبَغْىَ مِنْ فَسَادِ أَنْفُسِكُمْ وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يُدَاوِيَ الْمَرْضَى بِمَا يُبْرِئُهُمْ* وَيُمْرِضُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا مَرِضَ اشْتَغَلَ بِمَرَضِهِ عَنْ مُدَاوَاتِهِمْ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَمِسَ لِنَفْسِهِ الصِّحَّةَ لِيَقْوَى بِهِ عَلَى عِلَاجِ الْمَرْضِى، فَلْيَكُنْ أَمْرُكُمْ فِيمَا تُنْكِرُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ نَظَرًا مِنْكُمْ لأَنْفُسِكُمْ، وَنَصِيحَةً مِنْكُمْ لِرَبِّكُمْ، وَشَفَقَةً مِنْكُمْ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، وَأَنْ تَكُونُوا مَعَ ذَلِكَ بِعُيُوبِ أَنْفُسِكُمْ أَعْنَى مِنْكُمْ بِعُيُوبِ غَيْرِكُمْ، وَأَنْ يَسْتَطِعم بَعْضُكُمْ بَعْضًا النَّصِيحَةَ، وَأَنْ يَحْظَى عِنْدَكُمْ مَنْ بَذَلَهَا لَكُمْ وَقَبِلَهَا مِنْكُمْ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي (٤). تُحِبُّونَ أَنْ تَقُولُوا فَيُحْتَمَلَ لَكُمْ، وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ مِثْلُ الَّذِي قُلْتُمْ غَضِبْتُمْ، تَجِدُونَ عَلَى النَّاسِ فِيمَا تُنْكِرُونَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَتَأْتُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، ولا تُحِبُّونَ أَنْ يَؤْخَذَ عَلَيْكُمْ، اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ وَرَأْىَ أَهْلِ زَمَانِكُمْ وَتَثَبَّتُوا قَبْلَ أَنْ تَكَلَّمُوا، وَتَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ تَعْمَلُوا، فَإِنَّهُ يَأْتِي زَمَانٌ يَشْتَبِهُ فِيهِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ، وَيَكُونُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ مُنْكَرًا وَالْمُنْكَرُ فِيهِ مَعْرُوفًا، فَكَمْ مِنْ مُتَقَرِّبٍ إِلَى اللَّهِ بِمَا

(١) فيه صدقة بن عبد الله بن المهاجر: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (١٦٨/ ٢٥٩). (٢) من الآية (٥) من سورة الجمعة. (٣) من الآية (٦٣) من سورة البقرة. (٤) تناقله العلماء أنظر: (تفسير القاسمي ٩/ ٥٣٧، تفسير الرازي ٣٢/ ٢٨٢، واللطائف من علوم المعارف ١/ ٣٢٣) وهو دعاء لكل ناصح أمين.

1 / 239