وأن الاعتبار في الأحكام بالشرع لا بالعقل، وفيه كراهية الصلاة في المقابر سواء كانت بجنب القبر أو عليه أو إليه، انتهى ملخصًا.
وقال الموفق في "المغنى": ولا يجوز اتخاذ السُّرُج على القبور؛ لقول النبي ﷺ «لعن الله زوَّارات القبور، والمتَّخذين عليها المساجد والسُّرُج»؛ رواه أبو داود والنسائي، ولو أُبِيح لم يلعن النبي ﷺ مَن فعله، ولأن فيه تضييعًا للمال في غير فائدة، وإفراطًا في تعظيم القبور أشبه تعظيم الأصنام، ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر، ولأن النبي ﷺ قال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر مثل ما صنعوا، متفق عليه.
وقالت عائشة: إنما لم يبرز قبر رسول الله ﷺ لئلاَّ يُتَّخذ مسجدًّا، ولأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرُّب إليها، وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم ومسحها والصلاة عندها، انتهى.
* * *
الحديث الثاني عشر
عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، قالت: ولولا ذلك لأُبرِز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًّا.
قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث يدلُّ على امتناع اتخاذ قبر الرسول ﷺ مسجدًّا، ومنه يفهم امتناع الصلاة على قبره.
وقال الحافظ: الوعيد على ذلك يتناول مَن اتخذ قبورهم مساجد تعظيمًا ومغالاة كما صنع أهل الجاهلية وجرَّهم ذلك إلى عبادتهم، ويتناول مًن اتَّخذ أمكنة قبورهم مساجد بأن تنبش