فسأله عن ركن البوديجا، فأجابه بأنه لا جديد، ثم قال: أما أنا فبعت نصيبي في بيت قديم وشاركت خالي، وهو تاجر أثاث، أنا في الواقع مدير أعماله وحساباته وشريك صغير له.
فهنأه عيسى، وأخبره بأنه لا رغبة له في العمل في الآونة الحاضرة، ونظر سمير فيما حوله في دهشة، ثم قال: انظر إلى الإسكندرية، كم هي خيالية! - الدنيا كلها خيالية، ما هذا بيمينك؟
فناوله كتابا قرأ على غلافه «الرسالة القشيرية» ثم حدجه بنظرة متسائلة، فقال سمير: ألم تسمع عن التصوف؟
فضحك ضحكة مختزلة وقال: لم أعرف فيك اهتماما به من قبل! - هذا صحيح، ولكني سمعت أحمد باشا زهران وهو يتحدث عنه بجدية حقيقية، وقد أهداني في مناسبات مختلفة بعض الكتب عن الموضوع، فوجدتني أبحث عنها في الأيام الأخيرة.
وقال عيسى، ووجهه لم يتخلص بعد من ذيول ضحكته: وهل أنت جاد فيه أو المسألة مجرد تسلية؟!
فقال وهو يفرغ زجاجة الكوكاكولا في الكوب: أكثر من تسلية، فيه راحة حقيقية للقلب.
ثم بعد شربة أتت على نصف الكوب: وكونك لا تبحث عنه إلا تحت ضغط ظروف معينة لا يجحد فضله فقد لا نذهب إلى أسوان شتاء إلا لمعالجة مرض ولكن هذا لا يطعن في فائدة أسوان للمريض والصحيح على السواء.
فقال عيسى ساخرا: ولكن يوجد - ولا شك - فارق بين أن نتصوف حيال أزمة سياسية وبين أن نتصوف لوجه الله والدنيا مقبلة علينا.
فابتسم سمير في صبر، وتجلت شفافية عينيه الخضراوين أصفى من السحب الناصعة البياض، وقال: نعم، ثمة فارق، ولكن العبرة بالنتيجة، وأحيانا تدهمنا كارثة لتهدينا سواء السبيل!
ولكن هب الدنيا ...
Halaman tidak diketahui