بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَبِه نستعين
الْحَمد لله الْملك الْعَظِيم الأول الآخر الْقَدِيم باعث نبيه مُحَمَّد مبرهنا طَرِيق التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيم وداعيا إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فَبلغ ﷺ الرسَالَة على التَّعْمِيم ونهج لمن تبعه الدّين القويم فَوَجَبَ على الكافة تَصْدِيقه وَالْقِيَام بِوَاجِب الصَّلَاة عَلَيْهِ وَالتَّسْلِيم فَلهُ الْحَمد حمدا يخرج عَن دَرك الإحصاء ويرغم بِهِ أنف من جحد وَعصى وَصلى الله على نبيه الْمُصْطَفى صَلَاة أستأنس بهَا حِين وَحْشَة الْقُبُور وأتميز بهَا فِي الدَّاريْنِ عَن أهل الويل وَالثُّبُور وعَلى جَمِيع إخوانه من النبييين وَالْمُرْسلِينَ وَآل كل والصحب أَجْمَعِينَ
أما بعد لما كَانَ علم التَّارِيخ من الْعُلُوم المفيدة والقلائد الفريدة موصلا علم السّلف إِلَى من خلف مُمَيّزا لِذَوي الْهِدَايَة عَن أهل الصلف يُعِيد ذكر الْأَعْصَار بعد ذهابها وينبه على خطئها من صوابها ويجدد أَخْبَارهَا وآثارها ويميز أخيارها من أشرارها وحالها عَن أحارها فبه يَسْتَفِيد الآخر عقول الأول وَبِه يتَمَيَّز أهل الاسْتقَامَة عَن أهل الزلل ثمَّ يحمد بِهِ النَّاظر اللبيب قَصده وَبِه يعرف أَبَانَا آدم وَمن بعده وَإِن تَأَخّر عَنْهُم وَطَالَ عَهده ثمَّ لولاه لجهلت الْأَنْسَاب واندرست الأحساب وَلم تفرق بَين الجهلة وَذَوي الْأَلْبَاب وَلما عرف من الْمُتَقَدِّمين فضل فَاضل على مفضول وَلَا ميز بَين سَائل ومسؤول ولولاه حَقًا مَاتَت الدول وَلم يصل إِلَيْنَا من أَخْبَار الماضين غير الْأَقَل وَفِي ذكر أَخْبَار الْمُتَقَدِّمين من الإفادة مَا شهد بِهِ نطق الْقُرْآن
1 / 59