تعوزها النظم العسكرية التي نعرفها اليوم أن تكون أهم عناصر القوة المرجوة للايام السود. وجاءت جملا متعاطفة أربعا يؤكد بعضها بعضا ، ثم هي لا تعني الا معنى واحدا. ترى فهل لنا أن نستفيد ، من هذا القصد العامد الى التأكيد ، أنها كانت تحاول بتكرارها « المؤكد » ، استئصال خلق خاص في عبيد الله [ القائد الجديد ]؟. وفي الجيش معه أعلام من سراة الناس ، ومن ذوي السوابق والذكريات المجيدة ، الذين لا يهضمون الخلق المزهو ولا الخشونة الآمرة الناهية في الفتى الهاشمي الذي لا يزيدهم كفاءة ، ولا يسبقهم جهادا ، ولا يفضلهم تقوى ، ولا يكبرهم سنا (1).
وقوله له بعد ذلك : « وشاور هذين » دليل آخر على القصد على تذليل خلق صعب ، ربما كان يعهده الامام في ابن عمه ، وربما كان يخافه كعائق عن النجاح.
أقول : وليس من وجود الخلق المخشوشن في عبيد الله اذا صدق الظن ما يعيقه عن استحقاق القيادة ، وقد استدعته اليها ظروف كثيرة أخرى ، على أن بين الخشونة والحياة العسكرية أواصر رحم متينة الحلقات في القديم والحديث.
وفي هذه المناسبة ما يفسح المجال للتساؤل عن الحيثيات التي آثر بها الامام الحسن عليه السلام عبيد الله بن عباس للقيادة على مقدمته ، وفي الجيش مثل ( قيس بن سعد بن عبادة الانصاري ) الرجل المعترف بكفاءاته العسكرية وباخلاصه الصحيح لاهل البيت عليهم السلام وبأمانته.
وللجواب على هذا السؤال ، وجوه :
** أولها :
أن الحسن حين أراد عبيد الله للقيادة على « المقدمة » فرض عليه استشارة كل من قيس بن سعد وسعيد بن قيس كما هو صريح عهده
Halaman 108