140

Sukkariyya

السكرية

Genre-genre

أغرق رياض وإسماعيل في الضحك، على حين ابتسم كمال وهو يغالب ما ركبه من ارتباك، وهنا فقط تذكر حديث ياسين في الزمن الخالي، بل أحاديثه عن أبيه وزبيدة العالمة! وعادت تسأله: كيف حال السيد؟ انقطعت من زمن طويل عن حيكم الذي نبذني، أنا الآن من أهل الإمام، ولكني أحن إلى الحسين فأزوره كل حين ومين، وكنت مريضة وطال بي المرض حتى ضاق بي الجيران فلولا الملام لرموني في القبر حية، كيف حال السيد؟ ..

فقال كمال في شيء من الوجوم: توفي منذ أربعة أشهر ..

فقطبت قليلا وقالت: إلى رحمة الله، يا خسارة، كان رجلا ولا كل الرجال ..

ثم عادت إلى مجلسها، وبغتة ضحكت ضحكة عالية، وما لبث أن ظهر صاحب القهوة عند مدخل الشرفة وهو يقول لها منذرا: كفاية ضحك، سكتنا له دخل بحماره، كتر خير البكوات على إكرامهم لك، ولكن إن عدت إلى الزياط فالباب من هنا ..

فلاذت بالصمت حتى ذهب الرجل، ثم نظرت إليهم باسمة، ثم سألت كمال: وأنت كأبيك أم لا ..

وأتت بيدها حركة شاذة فضحك الأصدقاء وقال إسماعيل: إنه لم يتزوج بعد!

فقالت في لهجة ارتياب عابث : الظاهر أنك ابن أونطة! ..

فضحكوا، ثم نهض رياض، ومضى إليها فجلس إلى جانبها وهو يقول: حصل لنا الشرف يا سلطانة، ولكني أود أن أسمع لك وأنت تحدثينا عن أيام السلطنة!

41

لم يبق إلا ثلث ساعة ثم تلقي المحاضرة، أما قاعة إيوارت فقد قاربت الامتلاء. إن مستر روجر - كما قال رياض قلدس - أستاذ خطير، وهو كأخطر ما يكون حين يتكلم عن شكسبير. أجل قيل أن المحاضرة لن تخلو في النهاية من نوع من الدعاية السياسية ولكن ماذا يهم في ذلك ما دام المحاضر هو مستر روجر والموضوع هو وليم شكسبير. غير أن رياض كان مغتما واجما، ولولا أنه هو الذي دعا كمال إلى سماع المحاضرة لتخلف عن شهودها. وكان حزينا كما ينبغي لرجل مثله تستأثر السياسة باهتمامه كل هذا الاستئثار. وكان يهمس في أذن كمال بانفعال غير خاف: يفصل مكرم من الوفد! كيف تقع هذه الخوارق!

Halaman tidak diketahui