فقالوا: يخضعون، ويستكينون. فإن هذا يؤمر به كل من قرئ عليه القرآن.
ولفظ السجود يراد به مطلق الخضوع، والاستكانة. كما قد بسط هذا في مواضع، لكن يقال لهم: الخضوع مأمور به، وخضوع الإنسان وخشوعه، لا يتم إلا بالسجود المعروف، وهو فرض في الجملة على كل أحد، وهو المراد من السجود المضاف إلى بني آدم: حيث ذكر في القرآن: إذ هو خضوع الآدمي للرب، والرب لا يرضي من الناس بدون هذا الخضوع؛ إذ هو غاية خضوع العبد، ولكل مخلوق خضوع بحسبه، هو سجوده.
وأما إن يكون سجود الإنسان لا يراد به إلا خضوع ليس فيه سجود الوجه، فهذا لا يعرف، بل يقال: هم مأمورون: إذا قرئ عليهم القرآن بالسجود، وإن لم يكن السجود التام عقب استماع القرآن، فإنه لابد أن يكون بين صلاتين، فإذا قاموا إلى الصلاة، فقد أتوا بالسجود الواجب عليهم، وهم لما قرئ عليهم حصل لهم نوع من الخضوع والخشوع باعتقاد الوجوب والعزم على الامتثال. فإذا اعتقدوا وجوب الصلاة وعزموا على الامتثال، فهذا مبدأ السجود المأمور به، ثم إذا صلوا، فهذا تمامه. كما قال في المشركين: ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ
1 / 44