Surat Pilihan Daripada Puisi Drama Yunani
صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان
Genre-genre
تجد مثل ذلك في جميع ما بقي من آثاره الفنية على اختلاف موضوعاتها وتباين ما تشتمل عليه من الحوادث.
وخصلة أخرى قد امتاز بها أيسكولوس هي إتقانه الإتقان كله وصف القوة والشدة وما إليهما من إباء النفس ومضاء العزم، وكل ما هو عظيم يخيل إلى من قرأه أن نبوغه قد حاول هذا الإتقان فوفق إليه، وظفر به، وقصر عن ما سواه. فهو لا يجيد وصف الضعف، ولا يحسن تمثيله، حتى إنك لتجد النساء اللاتي مثلن في قصصه قد امتزن بقوة نادرة وإباء غريب، وحتى إنه ليمثلهن قويات في ضعفهن. فإذا أبى عليه الموضوع ومكانهن من القصة أن يصفهن بالقوة وشدة البأس، وضع مكان هاتين الصفتين ما يقوم مقامهما من يقين يشد عزمهن ويعينهن على احتمال النازلة والثبات لها.
اقرأ قصة المستجيرات تجد الجوقة من فتيات ذليلات قد لجأن إلى مدينة أرجوس يطلبن إليها الجوار ويلتمسن منها الحماية. ليس لهن قوة ولا عون إلا ثقتهن بالآلهة واعتمادهن على حق الضيف. ولكن تلك الثقة وهذا الاعتماد قد ملآ قلبهن ثباتا فهن يلزمن تمثال الإله ضارعات لاجئات تساقط دموعهن، وترتفع أصواتهن بالبكاء والعويل. ولكنهن مزمعات ألا يذعن أو يصيبهن الموت.
انظر إليهن وقد أقبل رسول العدو يدعوهن إلى الإذعان والخضوع، وينذرهن عاقبة العصيان والعناد، فلا ينال منهن شيئا، وما يزلن به مترحمات مرة، متفجعات مرة أخرى، ومنذرات مرة ثالثة، حتى يأتي ملك أرجوس فيحميهن ويأمر أن ينقلن إلى حين يأمن العاديات.
على أن ما ترك أيسكولوس من الآثار لم يخل من مقطوعة تمثل الضعف والاستسلام، فتهز القلب رحمة وإشفاقا، وأكثر ما يكون ذلك في المقطوعات الغنائية، فسيعرض للقارئ في «قصة السبعة» يهاجمون طيبة قطعة تتغنى بها الجوقة وقد حمل إليها الأخوان قتيلين، وما نحسب أن قلبا من قلوب الناس يستطيع ألا يرق لها.
4
لم يكن أيسكولوس ذا فلسفة محدودة أو مبينة الأصول، ولم يكن مفكرا يرسم لنفسه الخطة فلا يتجاوزها، ولا يحيد عنها. أي إن قصصه التمثيلية إنما تنشأ عن مذهب في الفلسفة معين أو رأي في الفن محدود، وإنما نشأت عن قلب الشاعر وما كان يملؤه من إيمان وتقى. فكانت صورة حقيقية لهذه النفس الورعة الديانة تحب الآلهة وتخشاهم، وترغب في إرضائهم وتفزع من سخطهم. ومع هذا فإن تحليل ما بقي من آثار أيسكولوس يدلنا على أن هناك فكرة أو أفكارا، وبعبارة أخرى أصح وأدنى إلى الحق عاطفة أو عواطف كانت تدبر حياته كلها. وعنا صدرت آثاره العملية والفنية من غير استثناء.
فإذا أردنا أن نتعرف هذه العواطف، فأول ما يلقانا منها عاطفة الاستسلام للقضاء والركون إليه في كل شيء. ولعل من النافع أن نوجز صورة هذا القضاء الذي كان يفزع منه أيسكولوس ويفزع إليه، والذي ترك أعظم أثر في حياته العملية وشعره التمثيلي.
ترك أعظم أثر في حياته العملية: فحمله على أن يشهد مدة ثمانين سنة ما كان يحدث في بلاد اليونان عامة، وفي وطنه خاصة من تغير الأمور واستحالة الحال، وقيام الديمقراطية مقام الأرستقراطية، وانقباض هذه عن العمل من غير أن ينكر ذلك أو يحاول إصلاحه. بل انصرف عن هذا كله إلى شعره التمثيلي، وآثر أن يضن بشرفه القديم وكرامة نفسه على التبذل ومحاولة الجهاد.
وترك أعظم أثر في شعره التمثيلي. فلسنا نقرأ قصة من قصصه إلا رأينا فيها أن يدا خفية ولكنها قوية كل القوة تدبر كل شيء، لا يعرض لها منازع أو ممانع إلا ردته ذليلا مقهورا.
Halaman tidak diketahui