Sufiyya: Asal Usul dan Sejarahnya
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genre-genre
115
كما هو الحال مع المحاولات الكثيرة الأخرى التي جرت فيما بعد الاستعمار لاسترجاع تراث ما قبل الاستعمار؛ فقد تضمن مشروع إعادة أسلمة الصوفية قدرا من إعادة الابتكار للتقليد يفوق مجرد نقله؛ ذلك لأنه قبل أن يشير الباحثون الاستعماريون إلى وجود مصادر هندوسية أو حتى بوذية للأفكار الصوفية، كانت فكرة «الصوفية الإسلامية» إسهابا غير ضروري. علاوة على ذلك، شهد القرن العشرين في كل أرجاء العالم الإسلامي تنوعا غير مسبوق في أشكال السلطة الدينية والمعتقد الديني، من خلال تزايد فرص الالتحاق بالتعليم (سواء العلماني أو الديني)، واستخدام الوسائل الإعلامية الجديدة (سواء الطباعة أو البث الإذاعي وخلافه)، والانضمام إلى الأشكال التنظيمية الجديدة (سواء الجمعيات الدينية أو الأحزاب السياسية). وساهم النطاق المتزايد من أنواع الإسلام المتاحة أمام المسلمين في جعل تعاليم الصوفيين نسبية، وتهميش طرقهم الصوفية في المناطق التي لطالما كانوا فيها لاعبين مسيطرين أو بارزين. باختصار، بحلول منتصف القرن العشرين كانت توجد أساليب كثيرة يمكن من خلالها أن يكون المرء مسلما، وعندما وجد المسلمون خيارات كثيرة بديلة عن اتباع أحد شيوخ الصوفية، اختار الملايين منهم عبر العالم إما اتباع أحد الشيوخ الجدد غير الصوفيين، وإما التخلي عن السلطة الخارجية واتباع ضميرهم وحده.
وعلى الرغم من أن التأثير الصوفي تراجع على نحو لا يمكن إنكاره، فقد ظل تقليد القرون السابقة يتوارث من خلال الكثير من الأشكال المختلفة، وإن كانت في بعض الأحيان حديثة على نحو مميز. وكما شاهدنا من قبل، فقد كان يوجد صوفيون إصلاحيون عدلوا تعاليمهم استجابة لمنتقديهم المناهضين للصوفية، وفي المواقف التي وصف فيها هؤلاء النقاد جوانب كثيرة من التقليد الصوفي بأنها ليست إلا «خرافة»، نجد أن الإصلاحيين الصوفيين تخلوا عن كثير من جوانب الممارسة الصوفية، لا سيما ممارسة عمل الأحجبة أو المعالجة بالقرآن والأدعية النبوية، التي قل عليها الطلب على أي حال بسبب ظهور الطب الحديث. وفي المناطق الإسلامية الأكثر حداثة وثراء تقلصت الأنشطة الصوفية كثيرا؛ لأن الناس بدءوا يرفضون مجموعة كبيرة من الممارسات الصوفية - من تبجيل الأضرحة إلى قصص المعجزات وطلاسم التحصين - لأنها أمور منفصلة عن الحداثة، إلا أنه بصرف النظر عن التوقعات الموثوق فيها النابعة عن نظريات العلمانية، التي صاغت المناقشات التي تناولت الصوفية في منتصف القرن العشرين، فإن الحداثة لم تسفر عن تحرر كامل من تلك الممارسات الصوفية. وفي مناطق عديدة، لا سيما تلك التي نجح فيها الصوفيون في الاحتفاظ بمكانتهم الاجتماعية ورأسمالهم المتمثل في المؤسسات، استمر نقل التقليد الصوفي بالرغم من تزايد هجمات الإصلاحيين المناهضين للصوفية. وحتى في أكثر المناطق حداثة في العالم، شهد النصف الثاني من القرن العشرين استجابة الصوفيين للتحولات الذاتية وتحولات المجتمع، من خلال تكوين أنماط تنظيمية أو نماذج مفاهيمية جديدة، لينقلوا من خلالها تعاليمهم. ومع دنو القرن العشرين من نهايته ظهرت أشكال جديدة من الصوفية في بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية، حققت تفاعلا وتداولا متزايدا مع المناطق الإسلامية القديمة.
دعونا نتفقد بعض دراسات الحالة لهذه الطرق المختلفة لتطور الصوفية، بداية من خمسينيات القرن العشرين فصاعدا، فبينما أضعفت الحكومات في الهند وباكستان في فترة ما بعد الاستعمار المؤسسة الصوفية؛ من خلال فرض سيطرتها على الأراضي الكثيرة المملوكة للصوفيين، استمر نقل التقليد بطريقة أقل تقلصا بكثير مما حدث في الشرق الأوسط، الذي اكتسبت فيه القومية العلمانية والإصلاح الديني تأييدا اجتماعيا أوسع نطاقا.
116
وعلى الرغم من ذلك، فقد استعانت كل من الهند وباكستان بالصوفية في تكوين الكيان القومي الجديد خاصتها في فترة ما بعد الاستعمار؛ فعلى سبيل المثال: في الهند حظيت أشكال معينة من الصوفية (لا سيما العروض الموسيقية وأضرحة الطريقة الجشتية التي تجمع مختلف الطوائف) بالترويج؛ لأنها تمثل الأسلاف المتسامحة للجمهورية الهندية العلمانية المتعددة الطوائف، وحظيت موالدها بالتغطية على التليفزيون الوطني، وناصر تاريخها أساتذة الجامعات. أما في باكستان، فنظرا للشرعية المحدودة لحكومات ما بعد الاستعمار فيها، فقد اعتمدت مجموعة كبيرة من السياسيين على مكانة وعلاقات الصوفيين في محاكاة للسياسات الاستعمارية القديمة في المنطقة، ووفقا للأيديولوجيات المتباينة للأحزاب السياسية المعنية، فقد كان الصوفيون يقدمون في باكستان على أنهم إما وعاظ إسلاميون مبشرون، وإما مناصرون اشتراكيون للفلاحين، وألحقت «مراكز بحثية» أو منافذ طبية بالأضرحة المشيدة في فترة العصور الوسطى، كتعبير مادي عن التحالف الجديد بين الصوفيين والرئيس الباكستاني.
117
وفي كتابات القائد العسكري والشيخ الصوفي الباكستاني السابق النقيب وحيد بخش رباني (المتوفى عام 1995)، وجهت ذكرى الأولياء الصوفيين المنتمين لفترة العصور الوسطى لخدمة أهداف قومية على نحو أكثر صراحة؛ ففي كتابه «القوة الدفاعية الباكستانية العظيمة الشأن» المكتوب بالأردية، قدم دراسة رومانسية الطابع عن التاريخ العسكري والثقافي لباكستان بصفتها أمة إسلامية أسسها في الأصل الصوفيون، ومقدرا لها من خلال عظمة هؤلاء الأولياء الصوفيين والجنود الذين يحمونهم أن تكون منارة للعالم الإسلامي أجمع.
118
ومثلما أدت النماذج التي قدمها الأوروبيون عن الصوفية إلى «إعادة أسلمة» الأفكار الصوفية في مصر، نجد أن وحيد بخش رباني رد بالمثل في باكستان على صور الصوفية التي قدمها الأوروبيون، في عمل كتبه بالإنجليزية حمل عنوان «الصوفية الإسلامية»، وفي هذا الكتاب نفى أفكار المستشرقين القائلة بالأصول الخارجية للصوفية كي يظهر توافق التعاليم الصوفية مع القرآن والشريعة، وفي الوقت نفسه اعتمد على مجموعة مختارة غير معتادة من العلماء الفرنسيين والكتاب الأمريكيين من أتباع حركة العصر الجديد؛ ليثبت تناغم الصوفية مع العلم.
Halaman tidak diketahui