Sudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Genre-genre
إن نجاح الحكومة الإنكليزية في سياستها وفي اغتنام الفرص التي أظهرتها الحوادث يجب أن يقدر فيه الكاتب مهارة إنكلترا في الحكم والنجاح في إدارة آلته، وفي روح السيادة التي يشعر بها البريطاني، وخاصة في بلاد أجنبية، ويجب أن يقدر فيه ضعف الوزراء والحكام الوطنيين واستخذاءهم، وأن قوما في مصر لم يحسنوا اغتنام الفرص، ولا توجيه الحكم لزيادة نفوذ مصر في السودان، بدلا من الاستخذاء. وليس يطلب من إنكلترا أو من أي بلد أن تكف عن الاستعمار والاحتلال وإنشاء الإمبراطوريات؛ فهذا شيء لم يعرفه التاريخ والطبائع البشرية، ولم يألفه الإنسان الطامح الطامع. فمن الطبيعي أن يكون للإنكليز سياستهم واستعمارهم واغتنام الفرص، وليس يطلب إليهم الكف عن ذلك، فهو في عرفهم خيانة وطنية. وإنما إذا وجهنا اللوم فإلى أنفسنا أو إلى المسئولين فينا عن تطور الحوادث بسرعة ضد مصلحة مصر، حتى إذا استيقظت، لقيت الأمة المصرية العقبات المتأصلة.
الفصل الأول
الإنكليز في أفريقيا
اهتمت إنكلترا منذ زمان بعيد باستعمار أفريقيا. وفي شهر سبتمبر سنة 1877 كتب المستر غلادستون في مجلة القرن التاسع عشر يقول: «إذا توطدت أقدامنا في مصر تكون هذه المستعمرة الأولى بوجه التحقيق بمثابة ذريعة لتأسيس إمبراطورية شاسعة في أفريقيا الشمالية، تأخذ في النمو تدريجيا إلى أن تدخل في تخومها منابع النيل الأبيض. بل تنتهي بدون شك بأن تجتاز خط الاستواء لتتصل بمستعمرتي الناتال ورأس العشم، وذلك بغض النظر عن الترنسفال ونهر الأورنج، وكذلك يكون الحال في الحبشة وزنجبار.»
وقد احتلت إنكلترا مصر عام 1883، واستولت على الأوغندا ونواحي خط الاستواء والأونيورو سنة 1890، ووادلاي سنة 1895.
وقد عقدت الاتفاقيات الآتية: (1)
الاتفاقية الإنكليزية الألمانية في أول نوفمبر سنة 1886. (2)
الاتفاقية الإنكليزية الإيطالية في أول يولية سنة 1890. (3)
الاتفاقية الإنكليزية مع الكونغو 12 مايو سنة 1894.
والغرض من هذه الاتفاقيات الثلاث تحديد مناطق نفوذ إنكلترا في نواحي أعالي النيل والسودان الشرقي.
Halaman tidak diketahui