Sudan Misri
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Genre-genre
وهناك مسألة أخرى تستحق الالتفات وهي مسألة ترقية الضباط فقد باتت بطيئة جدا لا سيما أصحاب الرتب الصغيرة من رتبة بكباشي فما دون، ولذلك عدة أسباب نسردها بالإيجاز:
أولا: كثرة الضباط الإنجليز بالرتب العليا فصار الوصول إليها صعبا جدا. فلا يصل إليها إلا طويل العمر وكبير الحظ.
ثانيا: صغر الجيش وكثرة الضباط.
فترى الضابط وقد يمكث نحو 12 سنة برتبة الملازم الثاني أو الأول ونحو 15 سنة برتبة يوزباشي، فيكون قد بلغ السن الثامنة والأربعين وهي السن القانونية التي يحال بها إلى المعاش وبمعاش حقير، ولمكافحة هذا الداء أي داء بطء الترقي أدوية ناجعة:
أولا: الاستعاضة عن الضباط البريطانيين الذين يخرجون من الجيش بضباط مصريين، فيخلو نحو 250 رتبة يتبوؤها الضباط الوطنيون.
ثانيا: زيادة عدد الجيش، أي عدد الصف والعساكر فقط؛ لأن عدد الضباط الموجودين الآن بالخدمة مع الذين يعادون من المعاش والاستيداع أو يتخرجون من المدرسة الحربية كاف لإنشاء الأورط الجديدة.
أما السلطة العسكرية فكلها بيد السردار والأدجوتانت جنرال وكاتم أسرار الحربية، وبيد كل الضباط البريطانيين المتوزعين بالجيش، وليس لأي فرد من الأربعة عشر مليون مصري أدنى سلطة على الجيش.
فللسردار في الجيش وحاكم السودان في السودان والمدير بمديريته والقومندان العسكري في وحدته والمفتش في مركزه - لكل هؤلاء من السلطة ما لم يحلم به ملك إنجلترا وسلاطين آل عثمان أو قياصرة الروس على أريكة عروشهم.
وما زال دأبهم منذ وطئت قدمهم هذه البلاد أن يضعفوا هذا الجيش حتى صار اسما بدون جسم فهو لا يكاد يعد 15 ألف عسكري محارب و18 ألفا إذا أضفت إليه الوحدات غير المحاربة، ومن هؤلاء نحو 6 آلاف عسكري مصري فقط؛ لأنهم ما برحوا منذ استرجاع السودان للآن ينقصون عدد الوحدات المصرية البحتة، ويزيدون الوحدات السودانية عملا بدافع التفريق وظنا منهم بأنهم يؤلفون نواة جيش سوداني يكون خير معوان لهم؛ ليستقلوا عن مصر بالسودان في مستقبل الأيام. أجل إنهم ينقصون الوحدات المصرية ويزيدون السودانية بدون استشارة مصر وضد مصلحتها فهم يصنعون ذلك من مال مصر لمحاربة مصر.
فقد ألغوا الأورطتين السابعة عشرة والثامنة عشرة من البيادة المصرية، وأنشأوا أورطتي خط الاستواء وبحر الغزال السودانيتين حيث يعلمون العساكر النداء بالإنجليزية، ولم يبقوا من البطاريات الطوبجية المصرية العديدة سوى أربع مصرية، وأنشأوا واحدة سودانية، ومن أورط السواري المصرية لم يبقوا أيضا سوى أورطة مصرية أي نحو 150 عسكريا، وأنشأوا بدلا منها ست أورط سودانية أطلقوا عليها اسم البيادة الراكبة، وأركبوها الخيل السودانية والبغال الحبشية، وقد أبدلوا الهجانة المصرية بهجانة سودانية، وأنشأوا فرقتي العرب الشرقية والغربية السودانيتين، وقد زودوا كل هذه الوحدات السودانية بيادة وسواري بالمدافع المكسيم، بينما أنهم حرموا منها الوحدات المصرية، وبينما الأورطة السودانية تعد 800 ضابط صف وعسكري، فالأورطة المصرية لا تعد سوى 600 فقط، وقد أنقصوا الضباط المصريين في الوحدات السودانية حيث نزل عددهم إلى عشر الضباط البريطانيين والسودانيين، وأما في أورطتي بحر الغزال وخط الاستواء فلا أثر للمصري، ولا يعرف عساكر هذه الوحدات عن مصر إلا نقودها، ولهؤلاء نظام مخصوص هو أقرب لنظام ميليسا أوغندا منه إلى نظام الجيش المصري.
Halaman tidak diketahui