189

Subul Huda

سبل الهدى والرشاد

Editor

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض

Penerbit

دار الكتب العلمية بيروت

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م

Lokasi Penerbit

لبنان

الحرم، وهم أول من نزل مكة ويكونون بعرفة، وكانت المياه يومئذ قليلة وكان موضع البيت قد دثر وهو ربوة حمراء مدرة، وهو يشرف على ما حوله، فقال جبريل ﷺ حين دخل من كداء، وهو الجبل الذي يطلعك على الحجون والمقبرة: بهذا أمرت. قال إبراهيم بهذا أمرت؟
قال نعم.
فانتهى إبراهيم إلى موضع البيت فعمد إلى موضع الحجر فآوى فيه هاجر وإسماعيل وأمرها أن تتخذ فيه عريشًا. انتهى.
وفي حديث ابن عباس أن إبراهيم ﷺ جاء بهاجر وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد.
قلت: ولا مخالفة بين الكلامين كما زعمه في شفاء الغرام، لاحتمال أن يكون إبراهيم ﷺ أنزلهما أولا عند الدوحة، ثم نقلهما إلى موضع الحجر، أو بالعكس والله- تعالى- أعلم. وليس بمكة أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسقاء فيه ماء. ثم قفل إبراهيم.
وفي حديث أبي جهم: ثم انصرف إبراهيم راجعًا إلى أهله بالشام. انتهى.
وترك إسماعيل وأمّه عند البيت. فتبعته أم إسماعيل فأدركته بكداء، فنادته ثلاثا:
يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ إلى من تدعنا؟
فقالت ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها، فأجابها في الثالثة: إلى الله تعالى. قالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذًا لا يضيعنا حسبي.
وفي لفظ: رضيت تركتنا إلى كاف. ثم رجعت.
وفي حديث: أبي جهم: فجعلت عريشًا في موضع الحجر من سمر وثمام، وانطلق إبراهيم ﷺ حتى وقف على كداء ولا بناء ولا ظل ولا شيء يحول دون ابنه فنظر إليه فأدركه ما يدرك الوالد من الرحمة.
وفي حديث ابن عباس: أنه لما تواري عنهما استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه، قال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.
وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السّقاء عطشت فانقطع لبنها، وعطش إسماعيل، وجعلت تنظر إليه يتلوّى. وفي لفظ: يتلبط. وفي لفظ يتلمّط. وفي لفظ: فلما ظمئ جعل يضرب بعقبيه كأنه ينشغ للموت، فانطلقت كراهية أن

1 / 149