Studies in Sufism
دراسات في التصوف
Penerbit
دار الإمام المجدد للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Genre-genre
وبالجملة قد عرف بالإضطرار من دين الإسلام: أن النبي ﷺ لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أيجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة، مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب، أو الدف. كما لم يبح لأحد أن يخرج من متابعته، وأتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر، ولا في ظاهره، ولعامي ولخاصي، ولكن رخص النبي ﷺ في أنواع من اللهو في العرس ونحوه، كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح. وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف، ولا يصفق بكف، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: (التصفيق للنساء والتسبيح للرجال)، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء).
ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثًا، ويسمون الرجال المغنين مخانيثًا، وهذا مشهور في كلامهم ...
وتكلم كثير من المتأخرين في السماع: هو هو محظور؟ أو مكروه؟ أو مباح؟ وليس المقصود بذلك مجرد رفع الحرج، بل مقصودهم بذلك أن يتخذ طريقًا إلى الله يجتمع عليه أهل الديانات لصلاح القلوب، والتشويق إلى المحبوب، والتخويف من المرهوب، والتخزين على فوات المطلوب، فستنزل به الرحمة. ونستجلب به النعمة، وتحرك به مواجيد أهل الإيمان، وتستجلي به مشاهد أهل العرفان، حتى يقول بعضهم: إنه أفضل لبعض الناس أو للخاصة من سماع القرآن من عدة وجوه: حتى يجعلونه قوتًا للقلوب. وغذاءًا للأرواح، وحاديًا للنفوس، يحدوها إلى السير إلى الله، ويحثها على الإقبال عليه.
ولهذا يوجد من اعتاده، واغتذى به لا يحن إلى القرآن ولا يفرح به، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات: بل إذا سمعوا القرآن سمعوه، بقلوب لاهية، وألسن لاغية، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات، وسكنت الحركات، وأصغت القلوب، وتعاطت المشروب " (١).
(١) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج ١١ ص ٥٩٩ وما بعد.
1 / 199