Struggle with Atheists to the Core
صراع مع الملاحدة حتى العظم
Penerbit
دار القلم
Nombor Edisi
الخامسة
Tahun Penerbitan
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
Lokasi Penerbit
دمشق
Genre-genre
والإرادة الحرة، وبعض القدرة على التنفيذ تستلزم المسؤولية، وإلا نجم عنها الفساد الذي لا حدود له دون غاية، وهو أمر ينافي الحكمة، والمسؤولية تستلزم المحاسبة والجزاء، وإلا كانت مسؤولية شكلية لا قيمة لها، وهو أمر ينافي الحكمة أيضًا، والجزاء يقتضي العقاب والثواب، وإلا كانت مسؤولية ناقصة تنهى عن الشر ولا تأمر بالخير، أو لا تشجع على الارتقاء في درجات الفضائل، وهو أمر ينافي كمال الحكمة أيضًا، والله ﵎ قادر حكيم منزَّه عن النقص في ذاته وصفاته وأفعاله، فلا يصدر عنه سبحانه إلا الكمال، ولا تكون أفعاله إلا مطابقة لكمال الحكمة.
وقد سبق أن عرضنا دفع القرآن لهذا التوهم، واستشهدنا بعدة نصوص قرآنية.
منها قول الله تعالى في سورة (المؤمنون/٢٣ مصحف/٧٤ نزول):
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾
ونصوص أخرى نفى الله فيها عن نفسه أن يكون قد خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلًا، أو خلقها على سبيل اللهو واللعب، بل خلقها لحكمة، وهذه الحكمة تقتضي مسؤولية الإنسان ومن على شاكلته، والمسؤولية تستلزم الجزاء بالثواب وبالعقاب، وظروف الجزاء الكامل غير موجودة في هذه الحياة الدنيا، فلا بد من حياة أخرى يكون فيها هذا الجزاء.
ولا ننسى أن هذا التوهم قد ورد في مقالات منكري الحياة الآخرة، وقد حكى الله مقالتهم التي تنم عن هذا التوهم من توهماتهم، فقال تعالى في سورة (الدخان/٤٤ مصحف/٦٤ نزول):
﴿إِنَّ هؤلاء لَيَقُولُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُوْلَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ﴾
وحكاها أيضًا في نصوص أخرى سبق الاستشهاد بها.
*التوهم السادس:
توهم المنكرين عدم إمكان تلقي الرسل الأخبار عن الله تعالى، وعدم
1 / 198